/ / / / السيدة نفيسة .رضي الله عنها - المصريين بجد
الرئيسية / الخطاب الديني / السيدة نفيسة .رضي الله عنها

السيدة نفيسة .رضي الله عنها

13931715_1046406422121599_959230146_o

كريمة وهيب -المصريين بجد نيوز

السيّدة الشريفة العَلَوية، وصاحبة الكرامات الوفيرة، والمناقب الفاخرة الكثيرة.، النقيّة الزاهدة، الراكعة الساجدة، المُحدِّثة المتبحّرة، الكثيرة النفحات، الغزيرة البركات، سليلة النبوّة، وكريمة العنصر والمنبت من آل بيتٍ اصطفاه الله تبارك وتعالى.

هي السيدة نفيسة هي بنت الحسن الانور بن زيد الابلج بن الحسن السبط بن علي بن أبى طالب عليهم السلام ، فهي سليلة هذه السلسلة الطاهرة والأركان الزاهرة. فأبوها الحسن الملقّب بـ(الأنور) شيخ بني هاشم في زمانه، واليه انتهت الرئاسة على بني الحسن، كان سيدا عالماً جليلاً.. من كبار أهل البيت،

استهل نور السيدة نفيسة بولادتها في مكة المكرمة سنة 145هـ في الحادي عشر من ربيع الأول، وما إن أطلت بنورها حتى فرحت بها أمها واستبشر بها أبوها، وحمدوا الله على هذه النعمة الميمونة. ونشأت نشأة نبوية في بيت الله الحرام، وعندما دخلت سنتها الخامسة ذهبت في صحبة والدها إلى المدينة المنورة. وأخذ أبوها يلقّنها ما تحتاجه من أمور دينها ودنياها، وكانت تسمع من شيوخ المسجد النبوي ما يلقونه من علوم الفقه والحديث.

وهكذا ارتقت في مراتب الكمال، حتى بلغت مبالغ النساء، تقدم إليها الخطاب من السلالة النبوية الشريفة.. من بني الحسن والحسين(عليهما السلام)، كما تقدم إلى خطبتها الكثير من أشراف قريش والمسلمين لما عرفوه من كمالها وصلاحها، فكان أبوها يأبى إجابة طلبهم.

ثم جاء إسحاق المؤتمن ابن الإمام جعفر الصادق… يخطبها من أبيها، فصمت ولم يرد جواباً، فقام إسحاق من عنده، وتوجه إلى الحجرة النبوية الشريفة، وخاطب جده ـ بعد السلام ـ وشكى إليه همومه ورغبته في زواج السيدة نفيسة لدينها وعبادتها، ثم خرج. فرأى والدها في المنام تلك الليلة رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) وهو يقول له: (يا حسن! زوّج نفيسة من إسحاق المؤتمن). فزوجه إياها في شهر رجب سنة 161هـ.

وكان إسحاق من أهل الفضل والاجتهاد، والورع والصلاح، كيف لا! وهو ابن الإمام الصادق…، وقد أخذ عن أبيه الكثير من علومه وآدابه وأخلاقه، حتى أصبح له شأن ومقام ووثاقة لا تخدش. وهكذا كان في هذا الزواج المبارك انسجاماً يتوافق مع ما نشأت عليه السيدة نفيسة من حب الله والانصراف إلى طاعته (جل جلاله). وقد ولدت له (أبا القاسم) و(أم كلثوم)، وهكذا اجتمع في هذا البيت نور الحسن… ونور الحسين…

وكانت عليها السلام وهي في المدينة لا تفارق حرم جدّها المصطفى(صلى الله عليه واله وسلم)، قارئة ذاكرة باكية، راكعة.. ساجدة.. ضارعة داعية، وقد حجت بيت الله الحرام ثلاثين حجّة، أكثرها مشياً على الأقدام تقرّباً إلى الله، وزلفاً إليه. تقول زينب بنت يحيى المتوّج: (كانت عمتي نفيسة تأكل في كل ثلاثة أيام أكلة واحدة، وكانت لها سلّة معلقة أمام مصلاها، فكانت كلما اشتهت شيئاً وجدته في السلة، وكنت اجد عندها ما لا يخطر بخاطري، ولا أعلم من أين يأتي، فعجبت من ذلك، فقالت: يا زينب، من استقام مع الله تعالى كان الكون بيده وفي استطاعته).

وليس هذا بغريب بعد قصة مريم بنت عمران(عليها السلام) التي نقلها القرآن الكريم: (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً، قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) آل عمران/37.

ولا يمكّننا ان ذكر كل فضائلها الكثيرة، فالكلام عن زهدها وكرمها ويقينها بالله، وقضائها حوائج المحتاجين اكثر بكثير مما يسعه هذا المختصر.

فقد كان رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) مرشدها الأول والكوكبة الطاهرة من أبنائه البررة الأتقياء. وكان الموت والآخرة نصب عينيها، ويكفي دليلاً على ذلك حفرها قبرها بيديها، وقضاءها فيه شطراً من وقتها.. كل يوم تستلهم منه العظات، ولعلها كانت تحاسب نفسها وتهيئها للقاء باريها نقية طاهرة وهي تتلو الآية الشريفة (ربي ارجعون لعلي اعمل صالحاً فيما تركت كلاّ إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون) المؤمنون/100.

ُشغف حبّاً أهالي مصر بالسيدة نفيسة، وزاد شوقهم فيها ورغبتهم إليها عندما علموا أنها في الطريق إلى مصر. فخرج لاستقبالها أهالي القاهرة وأعيانها، وكانت بصحبة زوجها (إسحاق المؤتمن)، ونزلت في دار كبير التجار، وبعد فترة استقرت في الدار التي أعدت لها.

وراح الناس بمختلف فئاتهم يترددون عليها وعلى زوجها.. يأخذون عنهما العلم والفقه والحديث، فحصلوا بذلك على الكثير من الثقافة الصحيحة. واستمروا يتدفقون عليهما، وأصبحت رمزاً للطهارة والقداسة في تلك الديار.

وكان لأخيها يحيى (المتوّج) بنت واحدة اسمها (زينب) انقطعت لخدمة عمتها، تقول: (لقد خدمت عمتي نفيسة أربعين سنة، فما رأيتها نامت بليل أو أفطرت بنهار، إلا في العيد وأيام التشريق) وتقول: (كانت عمتي تحفظ القرآن وتفسّره وتقرأه وتبكي..) وهكذا عاشت في مصر معزّزة مكرّمة، ينتهل من نمير علومها أهالي مصر. وكانت مثال الحديث الشريف: (عاشروا الناس معاشرة إن عشتم حنّوا إليكم، وإن متّم بكوا عليكم)، وهكذا ما أن حلّ عام 208هـ – ولم تكد تدخل سنتها الرابعة والستين – حتى أحست بدنو أجلها، فكتبت إلى زوجها تطلب حضوره.

واشتدت بها العلة، حتى حلّت عليها أول جمعة من شهر رمضان، فزاد عليها الألم – وهي صائمة – فدخل عليها حُذّاق الأطباء، فأشاروا عليها بالإفطار لحفظ قوتها، ولتتغلب على مرضها فرفضت، ثم أنشدت:

اصــرفوا عني طبيبي ودعونــــــي وحبيبي

زاد بــي شوقي إليه وغرامي فـــــي لهيب

طاب هتكي في هواه بين واش ورقيـــــــب

لا أبالي بفــــــــــوات حيـث قد صار نصيبي

ليس من لام بعـــــذل عنـــــــه فيه بمصيب

جسدي راضٍ بسقمي وجفونـــــــي بنحيبي

فانصرف الأطباء، وقد شدّهم الإعجاب بقوة يقينها وثبات دينها، فسألوها الدعاء، فقالت لهم خيراً ودعت لهم.

ويقرر المؤرخ المقريزي رضي الله عنه أن مقام السيدة نفيسة رضي الله عنها من الأماكن المعروفة باستجابة الدعاء.

ويقرر سيدي عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه أن أرواح الأنبياء وأرواح الكمل باقية على الخدمة في عالم البرزخ وأن الله تعالى من فضله

وكّل بقبور الأنبياء والأولياء والصالحين ملائكة يقضون حوائج السائلين لأن أهل الله تعالى محل الكرم والسخاء أحياء وأموات ومن دخل بيت كريم لا يرجع بغير مده خصوصًا إذا كانوا من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.

ويقرر فضيلة الشيخ حسنين مخلوق أن أرواح الأولياء والصالحين تواصل الصلاة وقراءة القرآن وتعاون المجاهدين والصالحين في حياتهم وأنها تقدر على ما لا تقدر عليه حال اتصالها بالبدن

وقد تمسك زوجها بنقلها إلى المدينة المنورة لكي تستقر بالبقيع إلا أن أهل مصر تمسكوا هم أيضًا بها وحدث حوار بين الاثنين حتى رأى زوجها النبي صلى الله عليه وسلم يقول له: «لا تعارض أهل مصر في نفيسة واتركها لهم فإن الخيرات تنزل عليهم ببركاتها ففرح أهل مصر بذلك وأضاءوا الأنوار وأطعموا الطعام».

يقول المصريون عن حفيدة الإمام عليّ كرم الله وجهه السيدة نفيسة رضي الله عنها إنه ما من زائر لقبرها إلا حفت به كراماتها وشملته نفحاتها، فكم من مهموم زارها وضرع إلى الله تعالى فانحسرت غمومه وانقشعت همومه، وكم من خائف أو مظلوم إلا وقد لقي الإنصاف وباعد الله عنه الظلم، وما من مفزوع أو مكلوم إلا وسكن قلبه وعاد بعد زيارتها وهو ساكن البال مطمئن الفؤاد.

دفنت السيدة نفيسة رضي الله عنها بدارها بدرب السباع وكان يوم دفنها يوما مشهودا، فقد هرع المصريون من أقصى البلاد وأدناها، ليصلوا عليها، إكراما لنسبها للبيت النبوي الشريف، ولعلمها الغزير الذي كان سببا في أن يفد عليها في حياتها أئمة الفقه الإسلامي وكبار العلماء،
__________________
كما كتب على باب الضريح بالذهب على الرخام:

عرش الحقائق مهبط الأسرار

قبر النفيسة بنت ذي الأنوار

حسن بن زيد بن الحسن نجل

الإمام علي ابن عم المصطفى المختار

Facebook Comments Box

شاهد أيضاً

العذراء في الدين الإسلامي.. وتكريمها في القرآن الكريم

المصريين بجد العذراء في الدين الإسلامي والمسيحي .. إنها السيدة مريم الصديقة القانتة التي يرتبط …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Verified by ExactMetrics