الشيخ محي الدين

محمد قاروب يكتب: رواية الشيخ محيي الدين الفصل العشرون والأخير

محمد قاروب-المصريين بجد

 استشهاد الشيخ محي الدين

مقالات ذات صلة

مر على خطبة الشيخ محي الدين شهرين كاملين خلالهما عم الرعب والقلق عائلة الشيخ الصغيرة فكانت اسرته تنتظر خبر قتله بين ثانية وأخرى . وكلما عاد الي البيت سالما استقبلوه كأنما بعث من جديد إلى الحياة . رن الهاتف وأخذ الشيخ السماعة. وكانت المحادثة تدور حول طلب العمدة حضور الشيخ لحدوث مشكلة تخص ورث أحد الأعيان بالقرية . وكان الجميع بلا استثناء في القرية يقدرون الشيخ ويشهدون له بالعلم والعدل والحق في أحكامه . قال الشيخ محي الدين لزكية: العمدة عايزني اروحله الدوار بس شكله عنده برد صوته متغير شوية الله يشفيه ردت زكية: اللهم امين . روح وماتتأخرش علينا يا شيخ محي أبوس ايدك دخل الشيخ حجرة نومه وأمر زوجته باحضار زجاجة المسك . وارتدى جلبابا أبيضا جديدا وعمامة خضراء كانت هدية من أحد أشراف المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة واتم التسليمات . وتعطر الشيخ ونظر الى زوجته وابنائه قائلا: استودعكم الله. فاطمة- حنان خلوا بالكم من امكم . زكية خدي بالك من العيال. تعجبت زكية وقالت: فيه ايه يا حج . هتقلقنا ليه. ماتوحد الله. ابتسم الشيخ محي الدين قائلا: لا اله الا الله سيدنا محمد رسول الله . قلق ايه يا حاجة . خلاص مفيش قلق. من النهاردة الامان وبس يا أم البنات . ابتسمت الزوجة والابناء دون فهم ماذا يقصد الشيخ من كلامه. خرج الشيخ محي الدين قاصدا دوار العمدة وفي أثناء سيره على الطريق الزراعي شعر الشيخ محي الدين بأن أحدا ما يتبعه. التفت الشيخ يمينا ويسارا فلم يجد أحد. قال في نفسه لعلي اتوهم وتابع سيره . كان الموسم موسم زراعة الذرة في تلك الايام . ولمن لا يعيش في الأرياف نقول له ان عيدان الذرة الخضراء ساتر ومكان مثالي للاختباء والهروب معا . وفجأة بلا أي مقدمات انطلق عيار ناري نحو الشيخ ثم انهالت طلقات متتابعة بخزينة ألي امتلئت مع البارود غلا وكراهية وحقدا وحسدا للشيخ. فجاءت احدي الرصاصات في جبينه والأخر التي لا يعلم عددها الا الله معظمها في صدره وبطنه. ارتمى الشيخ محي الدين على الأرض والدم يسيل منه وكان يردد بثبات ايمان : أشهد أن لا اله الا الله وأن سيدنا محمد رسول الله.رددها مرتين ثم فاضت روحه الكريمة. انطلق الاهالي نحو الطريق فوجدوا الشيخ محي الدين في بركة من الدماء وعلى وجهه ابتسامة كالنائم. والنور يملأ وجهه! علا نحيب وبكاء وصراخ الناس على الشيخ محي الدين . وفي هذا الوقت انطلق بعض شباب القرية نحو حقول الذرة وبعد وقت غير قصير وجدوا المفاجأة. وجدوا أحمد وهو أحد أصدقاء الشيخ مجدي صاحب ال16 عاما يمسك بالألي وقد وقع في أيديهم وهو يهذي مرددا بشكل هستيري : قتلت المبتدع قتلت الزنديق الشيعي عدو الله! انهال الشباب عليه بالضرب واخذوه الى نقطة المركز مغشيا عليه من شدة الضرب . وتوجه العديد من الناس نحو المركز ليدلوا بشهاداتهم في مقتل الشيخ واستشهاده وكانت شهادة العمدة كما توقعت زكية وبناتها انه لم يتصل بالشيخ رحمة الله عليه وانما قلد صوت العمدة أحد المجرمين ليمنح القاتل المجرم فرصته لأداء جريمته النكراء والحمقاء.. توجه نفر من أهل القرية لبيت الغفير عبد المقصود ابو مجدي وسألوه في غضب فين ابنك القاتل ؟ قال عبد المقصود مذعورا: قاتل. يا سنة سودا. والله ما موجود بالبيت مش عارف راح فين. ابني عمل ايه؟!!! رد عارف والدموع تختنق كلاماته: قتل الشيخ محي الدين بفكره الفاسد، الله ينتقم من ابنك. الله ينتقم من ابنك. وفي نقطة المركز اكتملت شهادة الشهود في قسم الشرطة واستصدروا تصريحا بدفن جثمان الشيخ واعداد جنازة تليق بشهيد كلمة الحق . وقد حضر الجنازة لفيف من علماء الازهر ورجال الأمن يتقدمهم المحافظ ورتب عسكرية رفيعة المستوى وغفير من أحباب وتلامذة الشيخ من هنا وهناك . وفي غضون اربعة ايام تم القبض على مجدي عبد المقصود واعترف بتحريضه لأحمد وتم توجيه تهمة القتل العمد مع تكامل كافة أركان الجريمة. مرت الايام تلو الايام والشهور تلو الشهور ولا يمر الوقت الا ويزداد الشيخ محي محبة في قلوب الناس فهو الغائب الحاضر في كافة البيوت . حتى مر عام كامل من استشهاد الشيخ محي الدين . تغير فيها كل شيء في قرية ميت صالح . لا تكاد ترى فيه جدارا الا وكتب عليه رحم الله الشيخ الشهيد محي الدين أو الجنة للشهيد او كلنا الشيخ البطل محي الدين . وصدر القرار الاداري الذي اراده الناس وتمنوه جميعا في القرية . اصدر السيد المحافظ قرارا بتصديق من رئاسة الجمهورية بتغيير اسم القرية من ميت صالح الى “ميت محي” لتصدق مقولة الشيخ لو مات محي فهناك ألف محي ومليون غيره وتم تكريم زوجة الشيخ محي الدين وبناء مجمع اسلامي باسم الشيخ الشهيد ودارا للأيتام أيضا تحمل اسمه .وهكذا تخليدا للحق وأهله تسمت القرية باسمه وانه لشرف للقرية أما الرعاع المضللون أمثال مجدي ومن على شاكلته لا تخلو منهم مزابل التاريخ فلكل قوم مكان ومكانة! استشهد محي الدين وأمله أن يكون كل من قرأ عنه أو سمع به أن يكون محي الدين.

Facebook Comments Box

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by ExactMetrics