مؤتمر_الشباب رسالةإلى العالم المحور الثقافي
المصريين بجد
أفرد المؤتمر الأول للشباب في شرم الشيخ بحضور السيد رئيس الجمهورية مساحة كبيرة لقضية الهوية الثقافية، التي تعتبر من أهم الموضوعات المطروحة داخل المجتمع المصري، حيث يتم إثارة تلك القضية دائما عند الحديث عن النهضة والتطوير في المجتمع. تناول المؤتمر موضوع الهوية الثقافية من خلال ورشتيّ عمل، حيث تضمنت الأولى الهوية الثقافية والخطاب الديني، والثانية الصالون الثقافي، والذي ناقش أسباب تأخر صناعة السينما في مصر وسبل النهوض بها. وقد حرص السيد الرئيس على المشاركة في أعمال الجلسات وإجراء مداخلات تعكس اهتمام وإدراك القيادة السياسية لتلك القضية الهامة التي تشغل الرأي العام بأكمله.
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن استعادة الهوية المصرية يتطلب بذل جهود مشتركة من جانب جميع مكونات المجتمع المصري، بما في ذلك المسجد والكنيسة والمدرسة والأسرة ووسائل الإعلام، مشيراً إلى أن استعادة الهوية وإصلاح المجتمع أمر يحتاج إلي وقت طويل وجهد كبير من كل الأطراف. وأضاف الرئيس أن الهوية المصرية مسألة عميقة تحتاج إلي تطوير وتنمية متواصلة، وأنه تم إهمالها لفترة طويلة، موضحا عدم إمكانية حل المشاكل المتعلقة باستعادة الهوية المصرية وتصويب الخطاب الديني بالقول فقط دون تعديل سلوكيات المجتمع والتوقف عن التشكيك في الآخر وتقبله، فضلاً عن ترسيخ ثقافة التسامح والتعايش. وأكد الرئيس على أننا على بداية الطريق الصحيح نحو استعادة هوية مصر الثقافية التي تتميز بالاعتدال والتسامح، منوهاً إلي أن أكبر دليل علي انطلاق مسيرة الإصلاح المجتمعي هو المستوى الراقي للحوار الذي شهده المؤتمر الوطني الأول للشباب.
وأشار الرئيس إلى أن الثورات لا تقوم إلا حينما تصل الدول إلى مرحلة من التردى فى كل المجالات، وأن مصر وصلت إلى مرحلة صعبة خلال الأربعين عاماً الماضية، مضيفاً أن التغيير الذى يحدث بعد الثورات مفيد وجيد، ولكن من الممكن أن يكون عنيفاً، لافتاً إلى أن موضوع الأخلاق عميق وتُرك لفترة طويلة دون مجابهة. وأضاف الرئيس أن المؤتمر حقق أهدافاً كثيرة، أهمها تغيير طرق إدارة نقاش القضايا والموضوعات، وأن يتم عرض كل ما يحدث فى مصر على المنصة، مضيفاً أن التشكيك تم غرسه فى المجتمع المصري طيلة الأربعين عاماً الماضية، وهناك من داخل المجتمع من يقدم نفسه دائماً على أنه الأفضل، ويسعى إلى أن تصبح مصر مثل دول أخرى فى المنطقة.
وفيما يتعلق بقضية الخطبة المكتوبة، أشار الرئيس إلى أنه حينما طالب بتطبيق تلك الفكرة كان تصوره أن يتم تنفيذها خلال خمس سنوات، بحيث يتم بناء الشخصية المصرية، وأن يستمع المواطنون فى جميع المحافظات إلى كلام واحد، وأن يقوم كبار العلماء بوضع خطة وكتابتها بشكل دينى، وليس بفكر «عبدالفتاح السيسى»، مضيفاً أن موضوع الدين خاص، ولا يمتلك أحد الوصاية بين الإنسان وخالقه الذى أعطاه الحرية الحقيقية فى عبادته، ولا يليق أن نضغط على أحد ليتبع ديناً معيناً، مؤكدا على أن استعادة الهوية المصرية مهمة مشتركة بين الكنيسة والمسجد، والأسرة المصرية، والإعلام والتعليم، ولكن على المجتمع أن يقبل أن استعادة الهوية وإصلاح المجتمع أمر يحتاج للوقت والتضحية.
وتضمن النقاش طرح مجموعة من المقترحات من الشخصيات المشاركة، وعلى رأسهم الدكتور “محمد مختار جمعة” وزير الأوقاف، والدكتور “حلمى النمنم” وزير الثقافة، حيث أكد وزير الأوقاف أن القاسم المشترك بين جميع الأديان السماوية هو الجانب الأخلاقي والقيمي، واستند إلى حديث الرسول “صلى الله عليه وسلم” “إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، وأن جميع الأديان اعتمدت على نشر الأخلاق والسلام ووصل الأرحام. وأضاف أنه ما من أحد ينكر أن الخطاب الديني تعرض لمحاولات اختطاف من الجماعات الدينية المتطرفة، وأن المؤسسة الدينية فى مصر حاولت التصدي لهذه المحاولات من خلال الخطاب الديني المعتدل. وأكد وزير الأوقاف أن مشكلات التطرف ترجع إلي انسداد الأفق الثقافي، داعياً إلي أن يصبح المكون الثقافي أساسياً في كل مراحل التعليم. وأشار الوزير إلى أن العمل والإنتاج يمثلان نسبة 50 – 60% من الخطاب الديني حالياً في خطب الجمعة، كما أن الخطبة القادمة الموجودة علي موقع الوزارة تدور حول الحفاظ علي الأوطان وسبل بنائها ومواجهة الدعوات الهدامة. وقال الوزير إن المشكلة ليست في الأديان ولكن المشكلة فيمن يوظفونها لمصالح شخصية، داعياً إلى عدم السماح لغير المتخصصين بالقيام بالفتوى. كما أهاب بوسائل الإعلام عدم استضافة غير المتخصصين في الفتوي من علماء الأزهر الشريف. وطلب وزير الأوقاف من الرئيس السيسى إعادة تطبيق تجربة البرنامج الرئاسي للشباب، ولكن هذه المرة أن يكون برنامجاً رئاسياً لتأهيل شباب الدعاة. كما أكد الدكتور أسامة الأزهري مستشار رئيس الجمهورية أن كل المحاولات التي بُذلت لتعديل المناهج في الأزهر الشريف تحتاج إلي خطوات أوسع بكثير.
من جانبه، أكد القس “بولس حليم” المتحدث الرسمى باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أن الكنيسة لها دور قوى فى تطوير الخطاب الديني، وأنها مدرسة حب الوطن، مطالبا الكنيسة بتطوير وسائل التواصل مع الناس لمواكبة العصر. وانتهت الجلسة بعدد من التوصيات، جاء على رأسها ضرورة دمج الخطاب الديني المعتدل فى المناهج الدراسية للمراحل الابتدائية وإعداد جيل جديد من المصريين حريص على التمسك بالهوية، واتباع الأخلاقيات المصرية المعروفة منذ الصغر للتصدي لمحاولات طمس الهوية المصرية.