جيهان مأمون تكتب :كيف كانت الفسطاط العاصمة رقم 1 لمصر الإسلامية ؟
جيهان مأمون- المصريين بجد
تعد مدينة الفسطاط أول حاضرة لمصر الإسلامية وأول عاصمة إسلامية فى قارة أفريقيا والمدينة الثالثة فى الإسلام … بدأت كمدينة مستطيلة الشكل بمساحة 3 أميال و ظلت عاصمة لمصر لمدة 110 سنة و مركزا للسيادة طوال عصر الخلفاء الراشدين والدولة الأموية…. شيدها القائد عمرو بن العاص في موقع متميز فى السهل الواقع بين حصن بابليون و جبل المقطم قريبا من رأس الدلتا ليشرف علي جميع طرق الملاحة في فروع النهر القديمة وعلي جميع طرق القوافل في الصحراء وكانت عبارة عن أرض فضاء خالية من المبانى تضم فقط حصن بابليون الذى بناه الروم…. و قد إختط عمرو المدينة الجديدة على نفس نمط تخطيط الرسول (صلى الله عليه وسلم) للمدينة المنورة حيث بدأ بإنشاء المسجد الجامع و إبتنى داره على مقربة منه ، ثم قام بتقسيم المدينة إلى خطط أى أحياء حول المسجد لتقيم بها قبائل الجيش المختلفة التى أتت معه إلى مصر ، وبلغ عدد الاحياء 50 حيا أو خطة كما أطلقوا عليها ، و كان لكل قبيلة مسجدها الخاص بها و صار جامع عمرو هو المسجد الجامع الذى تقام فيه الصلوات الجامعة و صلاة الجمعة و الأعياد ، و نال جامع عمرو أو الجامع العتيق أقدم جامع أنشئ في مصر مكانة دينية هامة فصار منارا لنشر تعاليم الدين الإسلامى و جامعة إسلامية تخرج منها الكثير من العلماء و المفكرين … شيدت الفسطاط على الطراز العربى وكانت البيوت فى بادىء الأمر غاية فى البساطة تبنى من الطين اللبن وتتكون من دورا واحدا فقط وتزين بالزخارف المختلفة مثل نقوش الأزهار و النباتات ثم اتسعت المدينة مع مرور الوقت و أقبل الناس للسكنى فيها و صارت المركز السياسى و الإدارى لمصر و إزدادت أهميتها السياسية و العلمية و الإقتصادية و الثقافية و فى عصور لاحقة … وصف المؤرخون الفسطاط بأنها مدينة ذات شوارع مرصوفة ومنازل فسيحة تتوسطها نوافير المياه والحدائق الداخلية ، و ترتفع بها المساكن إلى خمسة أدوار ووصل بعضها إلى سبعة أدوار وربما سكن الدار الواحدة مائتى من السكان والكثير من الحمامات العامة و إنتعشت بها الأسواق و نشطت الحركة التجارية و صارت الفسطاط ميناء نهريا و تجاريا مزدهرا… ضمت بيوت الفسطاط المرافق الصحية و مدت بها مواسير من الفخار لنقل الماء و شيدت خزانات تحت الأرض لتوفير المياه ، و كان يتوسط كل دار فناء غير مسقوف يتراوح حجمه ما بين أربعة وخمسة أمتار فيوفر الضوء للغرف الفسيحة التى تحيط به و تحملها العقود و الأعمدة ، و كان لكل منزل حديقة مزروعة تسقى بماء النوافير ، كما زودت هذه البيوت بممرات داخلية لتمكن أهل الدار من التنقل بين أجزاء البيت المختلفة دون المرور بالفناء المكشوف أثناء وجود زوار …. كان السقائين يجلبون مياه الشرب من نهر النيل إلى المنازل فى قرب جلدية يطلق عليها الروايا يحملونها فوق الجمال أو على أكتافهم ، و يروى الرحالة الفارسى ( ناصر خسرو ) أن عدد الجمال التى تحمل روايا الماء فى القاهرة و الفسطاط بلغ (52,000) جمل . وكانت المياه تحفظ فى أزيار من الفخار أو فى صهاريج أى خزانات صغيرة تقع تحت المنازل و يرفع منها الماء بالدلاء عند الحاجة كانت الإضاءة تعم شوارع الفسطاط المضاءة بالمصابيح والقناديل التى كانت تتدلى فى الدكاكين و الطرقات و القياسر و الأسواق و على أبواب المنازل … من أشهر دورالفسطاط دار الفلفل و هى الدار المعروفة بالشرطة دار الرمل تقع إلى الغرب من دار الشرطة وقيل أن (معاوية بن أبى سفيان) أنشأ هذه الدار لإبنه يزيد الدار البيضا و كانت مملوكة (لعبد الرحمن بن عديس البلوى) من الصحابة الأجلاء تعرضت الفسطاط للتخريب نتيجة لحريق شاور الذى ظل مشتعلا لمدة 55 يوما فى نهاية العصر الفاطمى( 1168م ) مما أتى على المدينة وجعلها حطاما و أطلالا قبل أن يعاد بناؤها مرة أخرى فى العصر الأيوبى … تعتبر الفسطاط اليوم من المناطق القليلة فى مصر التى تضم آثارا للأديان السماوية الثلاثة فى منطقة واحدة و يطلق عليها اليوم مجمع الأديان