اللواء عبد الحميد خيرت يكتب: عودة الروح للداخلية (3)
ل/ عبد الحميد خيرت – المريين بجد
لم يفلت قطاع الأمن العام ، والمباحث الجنائية ، من التجريف حيث تم أقصاء أعداد كبيرة من القيادات والرتب ، التى تتمتع بالكفاءة والخبرة ، فى مختلف القطاعات الأمنية ، أما بالأحالة للتقاعد او الزج بهم فى قضايا وهمية ، عرفت بأسم ” قتل المتظاهرين ” ، وحصلوا جميعاً على حكم البراءة ، واذا كان هناك مبرر لدى قوى الأسلام السياسي نحو أقصاء قيادات مباحث أمن الدولة بحكم موقفهم من هذا الجهاز ، فلم يكن مفهوم فى هذا التوقيت الموقف المتعنت تجاة قيادات الأمن العام والمباحث الجنائية ، خاصة وأن الشارع كان منفلتاً . ولكن بدأت الحقائق تتضح تجاه هذا الأمر عندما وصل الأخوان الى سدة الحكم ” وسوف نتناولة فى حينة ” .
فى هذه المرحلة الحرجة من تاريخ مصر ، كان للأعلام دوراً كبيرا فى تأجيج مشاعر الكرة لدى المواطنيين تجاة الشرطة ، سواء قبل او بعد أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ . فقد تعرضت وزارة الداخلية منذ عام ٢٠٠٧ الى حملات تشهير ، من قبل وسائل الأعلام ، تساندها بعض المنظمات الحقوقية من خلال تسليط الضوء على تجاوزات القلة من أفراد الشرطة ، وتصويرها لدى المواطن بأنها تدخل ضمن منهجية العمل الشرطي .
هذه الحملات كان لها تأثير كبير ، فى تكوين رأى عام معارض للسياسة الأمنية ، وناقد للممارسات الشرطية ، الأمر الذى دفع ببعض المسجليين جنائياً من التطاول على بعض رجال الأمن محتمياً فى وسائل الأعلام ، حيث وصل الأمر الى حد أرسال تسجيلات مفبركة لوسائل الأعلام ونسب فحواها لرجال الشرطة .
لم ينتهى الأمر عند هذا الحد ، بل أستمر الى ما بعد ٢٥ يناير ٢٠١١ بصورة وصفها الكاتب الصحفى فاروق جويدة ، بأن الأعلام أحوج ما يكون للرشد ، متخبط ، يسعى الى السبق والتضليل والتشهير والأدانة ، ويفتقد للرؤية السليمة الحريصة على الوطن والمواطن .
ففى الشهور الأولى من أحداث ٢٥ يناير كانت برامج التوك شو ، تستضيف أشخاص بعينهم ، ينتقلون بين البرامج بنفس الأحاديث ، والأراء ، والأدعاءات الزائفة ببطولات ، فى مواجهة نظام الرئيس مبارك ، ولا يسمحوا بأي مداخلات لأصحاب الرأى المخالف ، لنقد وتصحيح ممارسات المدعين بأنهم حماه ثورة .
لقد فوجئ الاعلاميين بأحداث ٢٥ يناير ، ونظراً لعدم وضوح الرؤية ، فقد أنعكس ذلك على ادائهم بفقدان القدرة على قراءة المشهد بصورة واضحة . ويرجع ذلك الى أن أعداد كبيرة منهم كانوا جزء من المشهد السياسى ، فى عهد الرئيس مبارك ، وتربطهم علاقات ومصالح بالقيادات السياسية المرتبطة بالنظام السابق .
بعد سقوط النظام ، حدث تحول فى أسلوب تعامل الأعلاميين ، مع رموز نظام مبارك ، بصورة فجة أساءت لهم وأفقدتهم أحترام مشاهديهم . فقد مارسوا أبشع صور النفاق والرياء والتضليل فى عرض الحقائق على الشعب ، لأرضاء ميدان التحرير ، على حساب رجال الشرطة ، بالترويج بأن الأنفلات الأمنى وراءة رجال حبيب العدلي ، والطائفية صنيعة النظام السابق ، وأن حادثة كنيسة القدسيين ورائها السيد حبيب العادلي . وأن رجال الأمن وراء فتح السجون وتهريب السجناء لأحداث فوضى بالبلاد .
هذا هو المنهج الذى تبناه الأعلاميين ومقدمى برامج التوك شو لينالوا رضا النشطاء بميدان التحرير ، ليكفوا عن المطالبة بتطهير الأعلام . حتى ولو كان هذا على حساب جثة رجال الأمن .
وللحديث بقية أنتظرونى .