تنمية المجتمعمقالاتمقالات رئيس مجلس الادارة

إيمان زيدان تكتب :ظل رجل ولا ظل حيطة ….(إصبري يا حبيبتي عشان بيتك وولادك)

بقلم رئيس مجلس الإدارة
إيمان زيدان-المصريين بجد

بجوار السلم وأمام محطة مترو الانفاق تجلس يوميا لتبيع الفاكهة -لا تتقيد بنوع محدد -وانما تتغير الفاكهة بتغير الاسعار وتبدل المواسم ،اسعارها منخفضة عن السوق كافة ،ملامحها قوية ولكنها واهنة تجلس علي حجر صغير لتبيع بضاعتها ويساعدها ابناءها ،اراها كثيرا عندما اتحرك بالمترو الذي يعتبر بالنسبة لي من أكثر وسائل المواصلات التي تنقلني في الوقت المحدد بدون ازدحام ولا إشارات

مقالات ذات صلة

وجدتها هذا اليوم والدموع تملأ عينيها والغريب انها بالرغم من البكاء لا تنسي ترتيب المانجو -يزداد البكاء ولا يقل إهتمامها بتجارتها،لم تترك العمل ولم تتواني لحظة في إتمام عملية البيع -أثارني الألم ودفعني الفضول أن اسألها (مالك بس يا قمر في أيه مين مزعلك ) توقعت أنها فقدت عزيزا فأعزيها أو أحزنها أحد ابناءها فأواسيها ولكن ردها كان هو الغير متوقع الذي كان يجب أن يكون متوقعا ،كان بكاءها نتيجة ضرب زوجها لها والجميع حولها يهدئها بعبارة تكسر اكثر مما تجبر (معلش يا ام فلان هية أول مرة يعني ،ما تزعليش نفسك مانتي اتعودتي خلاص بقي- الكلام ده من البائعين الرجال حولها ).

وإبنها بجوارها يملأ الحزن قلبه ولا يسعه إلا ان يقول لكاسريها (بس خلاص هية كبرت ما بقاش ينفع يمد إيده عليها تاني )

فقلت له( كلموه حد يفهمه حد يقوله عيب عليك لادين ولا أخلاق ولا عمر يسمحوا بكدة) -فكان رده (مفيش فائدة خلاص هو لن يستجيب وهي ستبقي كما هي راضية من أجل ابناءها ولن تعترض او تنتفض ) تنتفض دي من عندي أنا.

أسرد هذه الحكاية وانا أعلم ان هناك من الحكايات التي تشبه هذه الحكاية وأكثر من ذلك ،فالكثير من الزوجات وخصوصا في الطبقات البسيطة والأقل رفاهية يتعرضن للظلم والضرب والإهانة ومعظمهن يتقبلن ذلك من أجل الابناء وظل الرجل اللي احسن من ظل الحيطة .

فقناعات الكثير ما زالت تحمل داخلها هذا المثل العقيم حتي في الطبقات الإجتماعية الاكثر رقيا هناك من تجد ان الصبر والإنتظار الي ان ربنا يهدي حاله أو يرتاح من الدنيا ويريح ،أفضل من الحصول علي لقب مطلقة لعدم قدرة الكثيرات علي التصدي لتبعات هذا اللقب وكم من زوجات تعرضن لأقسي حالات العنف والإهانة ولم يجدن إلا الوصاية بالصبر (إصبري يا حبيبتي عشان بيتك وولادك) 

العنف في حد ذاته ظاهرة اجتماعية منتشرة في العديد من المجتمعات بصفة عامة وفي المجتمعات العربية والشرقية بصفة خاصة وفي المجتمع المصري بصورة أكثر خصوصية بالرغم من هذه المجتمعات تدين بدين السماحة والرحمة إلا أن البعض فيها لا يوجد في قلوبهم رحمة.

ويتولد العنف نتيجة للعديدمن الاسباب التي يعود بعضها الي التربية والنشأة والبعض الأخر  الي الظروف الإجتماعية والإقتصادية ومستوي التقدم الثقافي او انتشار ثقافات مشوهة في المجتمع والفهم المغلوط لتعاليم الدين والبقية الي السمات الشخصية

فالتربية هي الأساس ،والتنشئة علي عبارات(إسمعي كلام أخوكي  وما تعارضيش وإسمعي الكلام بدون مناقشة) من أهم الاسباب التي تخلق لدي العديد من السيدات حالة الرضا ومحاولة التعايش مع حالات العنف بدون أي رد فعل -فرضاء الزوجة وسكوتها علي أول “لطمة وجه” بدون سبب هو بداية الخضوع والإستسلام لظل الراجل الذي مع الوقت لن يكتفي فقط بلطمات الوجه ولا بالزوجة فقط وانما سيتحول للأولاد وتستمر حالة العنف والعدوان لتخلق جيلا جديدا لا يحترم المرأة ويعتبر العنف وسيلة للخلاف .وبالمعني الشعبي (إبنك علي ما تربية وزوجك علي ما تعوديه ) فأعلمي عزيزتي انكي تكونين في الكثير من الأحيان سببا للتمادي في العنف.وفي الحالة دي بتكون الحيطة أكثر رحمة من الرجل.

وتؤثر الظروف الأجتماعية والعوامل الإقتصادية المحيطة بصورة مباشرة في خلق حالة العنف في المجتمع فكلما زاد الخناق ولم يستطيع الأنسان الحصول علي حاجاته الإجتماعيةو الأقتصادية وعدم القدرة علي تحقيق طموحاته مع ارتفاع معدلات البطالة والفقر بالإضافة إلي التقدم التكنولوجي الذي رفع سقف المطالب والتطلعات يجعل هذا الإنسان ذو طبيعة صعبة ومزاج متقلب  مما يؤدي إلى محاولة تفريغ طاقاته السلبية والانفعالية على الزوجة والأبناء .

أما بالنسبة للثقافات المشوهة ومفاهيم الدين المغلوطة فحدث ولا حرج فالكثير من الرجال يدينون بدين لا يمت للدين بصلة ويتزرعون بأيه ذكرت في القرأن (مرة واحدة )لتعبر عن حالة النشوز ،والنشوز في اللغة هو  (الإمتناع عن القيام بالحقوق الزوجية ) وجاء في بعض الأقوال ان الرسول عليه الصلاة والسلام فسر آية النشوز فى خطبة الوداع بمعنى أن الذى يستوجب الهجر وما بعده هو الفاحشة المبينة والقرءان الكريم جعل إًصلاح هذه الحالة متدرجا بدءا من الوعظ والنصيحة مرورأ بالهجر في الفراش ختاما بالضرب الغير مبرح بالسواك وماشابه -ولم يذكر رب العالمين (اللطمات والركل والحزام والكرباج والخرطوم وسلك الكهرباء والعصيان علي اختلاف أشكالها) في الأية الكريمة .

وأوضح مفتي مصر السابق الدكتور علي جمعة في برنامجه الفقهي «الله أعلم» على إحدى القنوات الفضائية: أن «ضرب المرأة من الكبائر، والطلاق أفضل وأهون إذا وصل الأمر إلى الضرب المبرح للزوجة.
وأكد أن ضرب المرأة جريمة، وأن التفاهم والتعامل بالحكمة مع الزوجة أو حتى هجرتها، أهون بكثير من ضربها، لأنه يهدم الأسرة. واتفق معه العديد من العلماء منهم الدكتور أحمد عمر هاشم والدكتورة أمنه نصير وأختلف معه أخرون منهم الدكتورة سعاد صالح ايمانا منها ان الصبر علي الضرب ان لم يكن مبرحا اقل ضررا من الطلاق -لكن لنضع اسفل إن لم يكن مبرحا ألاف الخطوط .

وفي الرابط التالي راي الشرع مفصلا في حجة المغالطين بذكر الضرب في القرءان الكريم

الأفتاء تجيب عن الحكم الشرعي الصحيح في ضرب الزوجة

وبما أن رب العالمين لن يرضي أبدا بالذل والمهانة ودين السماحة والرحمة برئ من الأمر بالعنف والتعذيب فيجب علينا أن نصل الي وسيلة كريمة لحل ازمة العنف مع المرأة 

وأري أن أول الحلول يكمن في الأزهر وتجديد الخطاب الديني حيث أن التوعية والتوجيه الديني السليم وتصحيح المفاهيم المغلوطة المرتكزة في المجتمع بسبب زيادة نسب الجهل والأمية بالإضافة إلي ترك المنابر لغير ذوي العلم أحيانا أحد أسباب المشكلة .

لذا وجب تواصل رجال الدين  عن طريق قنوات مختلفة ليست منابر المساجد ولا القنوات الإعلامية فقط وانما إبتكار نوع من التواصل المباشر والتواجد الفعلي بين الناس في جميع الأماكن المتاحة -في المدارس والجامعات والنوادي وحتي الكافيهات –(يجب أن تصل اليهم لا تدعهم يهربون)

وتأتي بعد ذلك التوعية الإجتماعية ونشر ثقافة إحترام البشر سواء كانوا رجال أو نساء -بلا عنصرية ولا تفرقة -ومعرفة الحقوق والواجبات وإيصال صوت المعتدي عليه والتوجيه لمفاهيم التربية السليمة فاحيانا تكون المرأة هي السبب في ترسيخ ذكورية المجتمع -ويأتي بعد ذلك تفعيل قانون يدين العنف ضد المرأة والأبناء ويجرمه ليضع حدا فاصلا بين العشرة بالمعروف وضرب الكفوف

بالأضافة الي دور وزارتي الشباب و الثقافة الذين يجب أن يساهموا في التوعية بكافة اشكالها فلديهم العديد من الكيانات من مراكز ثقافة وإبداع ومراكز شباب علي مستوي كافة محافظات الجمهوريةو التي من شأنها أن ترتقي بالمجتمع وتغير مفاهيمه إذا ما استغلت بصورة سليمة.لتفعيل دور حقيقي وليس شو إعلامي وعناوين براقة فقط.

وأخيرا يأتي دور وسائل الإعلام والمنظمات الإجتماعية المختلفة والسينما والمسرح والتلفزيون ليضطلعوا بدورهم في  التوجيه والمشاركة المجتمعية  بدل من نشر ثقافة البلطجة وتصوير المجتمع المصري علي أنه غابة لا نعرف فيه إلا التطاول والسباب وخلق بطولات وهمية للسوابق والحرامية فقد انتشرت في الأونة الأخيرة اشكال غريبة من  المسلسلات والأفلام تجعل من المجرم بطلا ومن المجتمع المصري مستنقع إجرام .

فالعنف لا يولد إلا عنفا وبالرحمة والسماحة تتقدم الامم 

ويأتي 25 نوفمبر من كل عام حيث أعلنته ناشطات نسويات من كل عام كيوم للقضاء على العنف ضد المرأة. وفي 17 ديسمبر 1999 عدت الجمعية العامة للأمم المتحدة 25 نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة (القرار 54/134)، حيث دعت الأمم المتحدة الحكومات، المنظمات الدولية والمنظمات الغير حكومية لتنظيم نشاطات ترفع من وعي الناس حول مدى حجم المشكلة في هذه الاحتفالية الدولية. النساء حول العالم عرضة للاغتصاب، العنف المنزلي وختان الإناث وأشكال أخرى متعددة للعنف. ويعتبر قياس حجم طبيعة المشكلة من الأمور التي يصعب تجميعها بدقة.

أتى هذا التاريخ من عملية الاغتيال الوحشية في 1960 للأخوات ميرابال الناشطات السياسيات في جمهورية الدومنيكان بأوامر من ديكتاتور الدومنيكان رافاييل تروخيلو

 

وفي الإسلام ماهو أكبر وأعظم من قرارات الأمم المتحدة

وخير ختام كلام سيد المرسلين حبيب رب العالمين “واستوصوا بالنساء خيرا”و”رفقا بالقوارير” صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم 

 

 

Facebook Comments Box

اظهر المزيد
المقال يعبر عن رأي كاتبه دون أدني مسئولية علي الموقع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by ExactMetrics