الخطاب الديني

أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله تعالى عنها وأرضاها

مجدي الغزاليمجدى الغزالى-المصريين بجد
أعمدة الهدى

اليوم يقشعر البدن ويخشع القلب والروح تسبح بين الجمال والحنان, بين القوة والمثابرة ,بين الأم والزوجة ,عندما تذكر أمنا السيدة خديجة عليها من الله أتم السلام نتذكر وقوفها بجوار سيد الخلق وعطفها وحنانها ورحمتها بحضرته زوجا ثم نبيا ورسولا هى سيدة نساء الجنة هى من قيل في حقها ” أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب ولا نصب ” هى أمنا السيدة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصى بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ويجتمع نسبها مع النبى الأعظم سيدنا محمد بن عبدالله فى جدهم قصى وأمها هة السيدة فاطمة بنت زائدة بن الاصم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ولد سيدة النساء فى مكة قبل ولادة سيد الخلق بخمسة عشر عاما فى سنة 68 قبل الهجرة النبوية الشريفة سنة 556 ميلادية اشتهرت سيدة النساء بين العرب قبل البعثة برجاحة العقل وكرم الأصل وأنها من أعرق بيوت قريش نسبا كانت رضى الله تعالى عنها ترسل الرجال فى تجارتها وكانت تختار من الرجال أأمنهم وأصدقهم حتى تضمن سلامة أموالها فلما بلغها ما قيل فى حق سيد الخلق صلى الله عليه واله وسلم من عظيم أخلاقه وصدق حديثة وعظيم أمانته ووصف الناس له بمحمد الأمين فتذكرت يوما كانت تجلس فيه مع نساء مكة فى عيد لهم فى الجاهلية فمر بهن رجلا نادى بأعلى صوته ( يا نساء تيماء إنه سيكون فى بلدكن نبى يقال له أحمد يبعث برسالة الله فأيما امرأة استطاعت أن تكون زوجا له فلتفعل ) فبعثت اليه صلى الله عليه واله وسلم وعرضت عليه أن يكون مسئولا عن تجارتها وأموالها وقبل النبى صلى الله عليه واله وسلم بعرضها له فخرج بتجارتها وأرسلت معه خادمها ميسرة وأوصته أن يقوم على خدمة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وأن يرصد لها أحواله ولا يعصى له أمرا فلما قدما الشام استظلا بشجرة بعد نزول الرحل فقال نسطور الراهب ( ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبى ثم قال لميسرة أفى عينيه حمرة ؟ قال ميسرة نعم لا تفارقه فقال هو نبى وهو أخر الأنبياء , وأثناء البيع فوقع بين حضرته ورجل تلاح فقال الرجل أحلف باللات والعزى فقال الرسول صلى الله عليه واله وسلم ” ما أحلف بهما قط فأعرض عنهما ” فقال الرجل قولك , ثم قال لميسرة ( هذا والله نبى تجده أحبارنا منعوتا فى كتبهم) وكان ميسرة يرى ظلا فوق رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اذا اشتدت الشمس وقظ الحر وكان الله قد القى محبة محبة فى قلب ميسرة لنبى الرحمة صلى الله عليه واله وسلم فلما وصلا مكة فقال ميسرة إذهب يا محمد فبشر خديجة ببيعنا وربحنا المضاعف , فانطلق صلى الله عليه واله وسلم الى مكة سابقة القافلة مبشرا السيدة خديجة رضى الله تعالى عنها بما كان فسرت بذلك وانتظرت حتى قدم ميسرة وقص عليها ما كان من الغمام وقول الراهب وقول التاجر فى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ,
انتاب السيدة خديجة فكرا كثيرا عميقا فى أمر سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم بعدما سمعت كلام خادمهم ميسرة , فذهبت لصديقة لها وهى نفيسة أخت الصحابى يعلى بن أمية وقالت ” يا نفيسة إنى أرى فى محمد بن عبدالله مالا أراه فى غيره من الرجال ,فهو الصادق الأمين وهو الشريف الحسيب النسيب والشهم الكريم , وهو الى ذلك له نبأ عجيب وشأن غريب وقد سمعت ما قاله غلامى ميسرة عنه ورأيت ما كان يظلله حين قدم علينا من سفره , وما تحدث به الراهب عنه , وإن فؤادى ليكاد يجزم أنه نبى هذه الأمة ” فقالت نفيسة اذا أنا أدبر الأمر إن أردت , فأرسلتها السيدة خديجة رضى الله تعالى عنها وارضاها سرا الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لتعرض عليه الزواج منها وقالت له ” يابن عم إنى قد رغبت فيك لقرابتك ووسطتك فى قومك وأمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك ” فقبل صلى الله عليه واله وسلم الزواج منها وحدث أعمامه أبوطالب وحمزة والعباس فذهبوا لخطبة السيدة خديجة رضى الله تعالى عنها من عمها وقال أبو طالب خطيبا ” الحمد لله الذى جعلنا من ذرية إبراهيم , وزرع اسماعيل , وضئضئ معد , وعنصر مضر , وجعلنا حَضَنَةَ بيته , وسواس حرمه , وجعل لنا بيتا محجوجا , وحرما آمنا , وجعلنا حكام الناس , إن ابن أخى هذا محمد بن عبدالله لا يوزن به رجل من قريش شرفا ونبلا وفضلا إلا رجح به , وهو إن كان فى قل فإن المال ظل زائل, وأمر حائل , وعارية مسترجعة , اليوم معك وغدا يكون مع فلان وفلان , وهذا يكون غنيا ثم فقيرا , والفقير يصبح غنيا والدول هكذا وبعد هذا والله له نبأ عظيم وخطب جليل جسيم , وله فى خديجة بنت خويلد رغبة , ولها فيه مثل ذلك , وما أحببتم من الصداق فَعَلَىّ ” ثم رد عليه ورقة بن نوفل قائلا ” الحمد لله الذى جعلنا كما ذكرت وفضلنا على ما عددت فنحن سادة العرب وقادتها وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم ولا يرد أحد من الناس فخركم وشرفكم , وقد رغبنا فى الإتصال بحبلكم وشرفكم فاشهدوا علَىَّ معاشر قريش بأنى زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبدالله على كذا ” وسكت فقال ابو طالب ” أحببت أن يشركك عمها ” فقال عمها عمرو بن أسد ” اشهدوا علَىَّ يا معشر قريش أنى قد أنكحت محمد بن عبدالله خديجة بنت خويلد ” تزوجت سيدة النساء بسيد الخلق أجمعين أيا هذا الفضل يا سيدة النساء زوجك هو الرسول الأعظم والنبى المفخم راحم الضعفاء حبيب رب العباد , تزجت سيدة النساء برسول الله صلى الله عليه واله وسلم فى سنة الأربعين وحضرته فى سن الخامسة والعشرين وعاشت السيدة خديجة رضى الله تعالى عنها فى كنف رسول الله صلى الله عليه واله وسلم تزوجا قبل البعثة بخمسة عشرة عاما أحاطته بكل رعاية وعناية واهتمام وولدت سيدة النساء زينب ورقية وأم كلثوم والقاسم وفاطمة عليهم من الله أتم التسليم , وانشغلت السيدة خديجة بتربية اابناء فلما مات اخوها العوام بن خويلد وترك الزبير بن العوام يتيما ابن سنتين فقررت سيدة النساء أن تكفله وترعاه فنشأ الزبير فى بيت عمته خديجة وبيت أمه صفية بنت عبدالمطلب عمة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولما قدم حكيم بن حزام بن خويلد من الشام برقيق فيهم زيد بن حارثة فخيرها حكيم وقال لها اختارى يا عمتى أى الغلمان تشائين فهو لك فاختارت زيد فرآه رسول الله صلى الله عليه واله وسلم عندها فاستوهبه منها فوهبته له فأعتقه رسول الله وتبناه وذلك قبل البعثة المباركة ونزول الوحى الكريم فكانت تعامله سيدة النساء كأبنائها لا تفرق بينهم ولما اشتد الحال على أبو طالب فطلب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أن يكفل عليا رضى الله تعالى عنه وارضاه فوافق عمه والكل تربى فى بيت الرحمة والرعاية والحنان والعدل , فى هذه الأثناء كان النبى الأعظم يختلى كثيرا بنفسه متفكرا فى خلق الله , يذهب بعيدا فى غار حراء فينظر الى مكة والبيت الحرام , متبتلا متعبدا , وكانت سيدة النساء تجهز له مؤنته التى يحتاجها فى خلوته الطاهرة وكانت فى بعض الأحيان تصاحبه , تخدمه وتطعمه وتسقيه , فظهرت بشارات الرسالة قبيل سن الأربعين فقال للسيدة خديجة ” إنى إذا خلوت وحدى سمعت نداء وقد والله خشيت أن يكون هذا أمرا , فقالت معاذ الله ليفعل بك , فوالله إنك لتؤدى الأمانة , وتصل الرحم , وتصدق الحديث ” وقالت له ” أبشر فإن الله لا يصنع بك إلا خيرا ” ولما استتب الأمر واعتلى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أعلى مراتب الرسالة وجاء أمر الله تعالى فأول من أمنت برسالته ونبوته هى السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله تعالى عنها وأرضاها , فتحول حال السيدة خديجة من زوجة ومربية الأبناء الى الصديقة المؤازرة لرسول الله لإبلاغ الرسالة وكانت تثبته وتبشره وتعاونه فى الرسالة ,كانت تواجه المشركين خير خائفى لا تبالى غدرهم وعدوانهم , كانت دائما تصدقه وتخفف عنه ما يلقاه من قومه فنعم الزوجة والأم سيدتى خديجة , وقد أوذيت السيدة خديجة فى بناتها رقية زوجة عتبة بن أبى لهب وأم كلثوم زوجة عتيبة بن أبى لهب , فطلقاهما حتى ينالا من مشاعر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وزوجته , وكان الطلاق او الفراق فى العرب قضية كبيرة تحزن من وقع بها إلا ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم والسيدة خديجة رضى الله تعالى عنها لم يأبها لهذا فبنات رسول الله لن يكون تحت أعداء الله ورسوله , فتزوج عثمان رضى الله تعالى عنه وارضاه من رقية بنت الحبيب المصطفى وهاجر بها الى الحبشة فلما حزنت السيدة خديجة رضى الله تعالى عنها لفراق ابنتها وقال أنس بن مالك ” خرج عثمان رضى الله تعالى عنه مهاجرا إلى أرض الحبشة ومعه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فاحتبس على النبى خبرهم , وكان يخرج يتوكف عنهم الخبر , فجاءته امرأة فاخبرته , فقال النى إن عثمان أول من هاجر الى الله بأهله بعد لوط ” فلما احتارت قريش فى عقاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حاصروا النبى وأهله , وتركت سيدة النساء قومها ملازمة زوجها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , حوصر القوم ثلاث سنين من سنة سبعة للبعثة الى سنة عشرة للبعثة , ولم تكف السيدة خديجة رضى الله تعالى عنها من مساندة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فى تبليغ الدعوة , وكلما اتت قافلة الى مكة يذيع صوت النبوة فيسأل القاص والدانى عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فلما رأت قريش بأن أمر الرسالة ينتشر بسرعه أجمعوا على أن يتعاقدوا على بنى هاشم وبنى عبدالمطلب وبنى عبدمناف أن لا يبايعوهم ولا يناكحوهم ويلا يجالسوهم حتى يسلموا اليهم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم , وقبل الهجرة بثلاث سنوات توفى ابو طالب عم النبى وسنده قبل الهجرة بثلاث سنوات وبعده بثلاث أيام توفيت سيد نساء العالمين ولها من العمر 65 عام فكان عام الحزن سنة 620 ميلادية رضى الله تعالى عن سيدتى خديجة وأرضاها .

مقالات ذات صلة
Facebook Comments Box

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by ExactMetrics