اللواء عبد الحميد خيرت يكتب : مشخصاتية “المصالحة”.. هل ينسى الوطن؟.
بقلم: اللواء/ عبد الحميد خيرت – المصريين بجد نيوز
لم أستغرب دعوات المصالحة التي تزداد هذه الأيام على ألسنة بعض من يوصفون بأنهم “مفكرون” سياسيون، للأسف أرى أنهم يعيشون في أبراج عاجية، ولا يمتلكون رداً مقنعاً واحداً حول كيفية التصالح مع مجرم وإرهابي؟ والأهم أن أحداً منهم لن يستطيع أبداً أن يتصالح مع قاطع طريق، فجّر منزله، وقتل أبناءه ولا يزال يهدده بأن الاستهداف مستمر ما لم يتنازل له عن زوجته أيضاً.؟ دُعاة الترويج للمصالحة الوهمية ـ من سعد الدين إبراهيم إلى مصطفى الفقي، مروراً بكل مشخصاتية الدم الحرام ـ يبرّرون دعوتهم بأنها “ضرورة لفرض مزيد من الاستقرار على الشارع المصري في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد” ولكنهم يتناسون أن من يريد التصالح، عليه أن يكف عن إرهابه أولاً، وأن يتوقف فوراً عن الاستمرار في جرائمه داخلياً وخارجياً، قبل أن يُحاسب على كل ما اقترفت يداه بحق الشعب المصري، طيلة السنوات الماضية، ويدفع الثمن بشكل واضح وصريح دون لفٍّ أو دوران. أما الكلام من عينة أن “الإخوان فصيل وطني” وأنهم “جزء من النسيج الاجتماعي، و”أنهم أقاربنا ومعارفنا وينتمون إلى نفس الوطن الذي نعيش فيه” فهذا كلام من النوع المرسل والشعارات الجوفاء، لأن القاتل الذي ارتكب جريمة واستحق عليها الإعدام، أيضاً مصري، و”الحرامي” الذي ينشل أو يسرق، مصري.. والخائن الذي كان يتخابر مع العدو.. لم يكن إلا مصري، وكلهم بالتأكيد لهم أقارب ومعارف وينتمون لنفس الوطن.. فهل يعني هذا إعفاءهم من المحاسبة، أو “التطنيش” أو “عفا الله عما سلف”.؟ بالتأكيد لا.. لأننا سنكون إذا في مجتمع تحكمه سلوكيات الغابة، وهذا ـ إن حدث ـ فيعني انهيار أبسط مقومات الدولة وأركانها. في نفس الوقت، ماذا عن شهيد الجيش والشرطة؟ وماذا عن الأبرياء الذين يلقون حتفهم جراء عمليات الإرهاب؟ أليس هؤلاء أيضاً مصريون وهم أبناء لنا وأقارب.. أم أنهم من كوكب آخر ولا يتسحقون كلمة رثاء أو تعزية أو تضامن؟. أما الحديث عن أن الإخوان جزء من “التكوين المصري التاريخي” فهذه مغالطة كبيرة استمرت 80 عاماً صحيح، باستغفال العامة، واستغلال الدين، لكنها مغالطة طارئة ينبغي تصويبها وتصحيحها، خاصة أنها اقترنت بأبشع أنواع التدليس والكذب والجرائم التي لم تحدث في مصر ربما عبر تاريخها.! ـ كيف يكون وطنياً.. من يحمل السلاح ضد الدولة ويستهدف عناصر أمنها وجيشها؟. ـ كيف يكون مصرياً من يستحل دماء أشقائه ويهدر دماءهم وأرواحهم؟. ـ كيف يتحدث عن الانتماء، وهو منذ تأسيسه رهن عمالة أجنبية، وتمويل استخباراتي، وضمن أجندة تآمر واضح على سيادة البلد؟. ـ كيف يتشدق بالتعايش بين أبناء الوطن، وهو يمارس التكفير والتقسيم و احتكار الدين في نفسه ولجماعته فقط؟. الأهم من كل الأسئلة السابقة، من فوّض كل هؤلاء للحديث عن مصالحة نيابة عن جماعة إرهابية ومجرمة؟ وبأي أجندة يتطوعون ولأي غرض يعملون؟.. ولماذا لا تتقدم الجماعة ذاتها باعتراف صحيح وسعي حثيث كي تتصالح هي مع الوطن ومع الشعب؟. البداية تكون دائماً من المجرم ذاته أولاً، وعنوانها إعلان الندم والتوبة، وتقبل العقاب الواجب، ولكن المشكلة الحقيقية خارج نطاق السلطة أو الحكومة.. إذ هل سيصدّقهم أحد؟ وهل ستصفح عنهم أسر الشهداء والضحايا؟.. وهل يغفر لهم الشعب؟.. وهل ينسى الوطن؟.. عن نفسي أشك في كل ذلك.!!