الرئيسية / الشيخ محي الدين / محمد قاروب يكتب رواية :(الشيخ محي الدين) الفصل الأول
حقوق النشر محفوظة للكاتب

محمد قاروب يكتب رواية :(الشيخ محي الدين) الفصل الأول

محمد قاروب-المصريين بجد

مقدمة

في قصتنا “محي الدين” لن تجدوا القصة بمفهومها التقليدي حيث البداية والحبكة الدرامية والعقدة ثم الحل هذه أمور أدرى بها أهلها من أصحاب السير والحكايات، إنما “محي الدين” التي بين أيدينا هي لسان حالي وحالك. لسان واقع أليم يبحث عن حلول ليجتاز محنته ويحطم اليأس ليبلغ الأمل ويحقق النجاح. محي في قصتنا الواقعية ليس مجرد شخص بل هموم وأحلام أمة كاملة تبحث عن هويتها وأمجادها . محي يبحث عن النور في غياهب الظلمات ، عن الحق في غياهب الجور والظلم ، عن الرحمة في مجتمع سادته الأنانية والأطماع الا من رحم ربي . فالخير موجود ولكن كثرة الخبيث جعلته في حاجة الى مجهر لنراه . ولا أظن هذا المجهر الا الأمل بالله وانتظار فرجه والعمل والسعي لغد أفضل نسعي جميعنا اليه وننشده
الفصل الأول
ياليت لي بإنسان يعرفني كيف النجاة في ظل عالم متخبط اختلطت فيه المفاهيم وتصارعت فيه الحضارات؟ كان هذا الشاغل يدور برأس الشيخ “محي الدين” إمام مسجد “الراشدين” بقرية ميت صالح وهي قرية قليل عددها كثير خيرها لكنها في ذات الوقت مهمومة بأحوال القرى والمدن من حولها. دخل الشاب الجامعي واسمه راغب إلى المسجد مناديا الشيخ محي الدين ” ادركنا يا مولانا ” فنهض الشيخ في عجلة قلقا وقال” ماذا هناك ياراغب” فقال راغب والحزن يعتصره ” قتلوا الجنود المصريين على الحدود أثناء افطارهم يا مولانا قتلوهم بلا رحمة. ظهرت بوادر الغضب على وجه الشيخ وقال بنبرة حادة” من هم؟ ومن ورائهم؟. فقال راغب: مسلمون مثلنا يا مولانا والله مسلمون مثلنا والمضحك المبكي انهم كانوا يهتفون بكل حماسة” الله أكبر”. قاطعه الشيخ محي الدين قائلا: لا تعجب يا بني فإنها فتنة! وتاريخنا للأسف حوى أمثالها الكثير والكثير لكننا لما زهدنا في قراءته جرت علينا لعنة اعادته. ياراغب يا ولدي متى غابت القدوة ظهر الهوى وليس في الأهواء الا المفاسد يا ولدي.
وهنا بكى راغب بحرقه: يارب اصلح أمور المسلمين يارب احقن دمائهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين. وخرج الشيخ وراغب من المسجد وقد عم القرية الحزن على دماء الأبرياء وحسرة على تعاليم الاسلام التي اساء البعض فهمها فصارت لهم حجة وسند على افعالهم الاجرامية الوحشية التي لا تمت لأى دين او انسانية بأدنى صلة! رجع الشيخ محي الدين الى بيته وجلس بمكتبته يقلب بين صفحات الكتب لعله يجد في الكتب مخرجا؟ وتلاحقت فى رأسه الأفكار متى صار القتل دينا ؟ومتى صار المسلم لأخاه عدوا ؟ومنذ متى وشعار القتلة الله أكبر؟ كيف اقتنع هؤلاء بهذا ؟ ومن هم أئمتهم؟ لابد لهم من أئمة ضلال فكما للحق أئمة. فللباطل أئمة وأعلام قد سرد التاريخ لنا حكاويهم ورد العلماء على أفكارهم وفندوا سوء فقههم وفهمهم للقضايا وانحراف ميزان القياس عندهم. ووقع نظر الشيخ على عبارة للشيخ عبد القادر الجيلاني شيخ الاسلام في القرن السادس الهجري أذهلته لصغر كلماتها ولعظيم معناها . ” حبك للشيء يعمي ويصم” . أعتقد أن هذا الشيء يمكن اختصاره في الدنيا واغراضها وشبهاتها وغرور امانيها! فالأمور المحمودة والقويمة والمسلم بصحتها لن تعمى ولن تصم صاحبها. ولكن ما السبيل لمعرفة الصحيح والغير صحيح؟ وما هو معيار القياس ؟ فالسبيل مثلا للحصول على الطعام هو السوق ولكن ما فائدة التحصل على الطعام في وجود داء يثقله الطعام أو تذوق فاسد بدلته كيمياء الأدوية! لابد من مستقبل جيد للطريق الجيد لتكتمل منظومة الفقه السليم للأمور وعواقبها. الانسان هو المشكلة والحل! نعم. أو كما قيل هو جرم صغير انطوى فيه العالم الأكبر. تغيير الانسان للأفضل هو محور أي حضارة تبتغي الاستمرارية والقوة والثبات معا. وهل يكون هناك تغييرا بلا مشقة! وبلا حرب مع النفس وأهوائها! وبلا صبر على كل هذا! أظن أن الانسان يستحق أن يبذل جهدا ليصير حقا انسانا حقيقيا لا مجرد انسان من باب تصنيف علم الأحياء “رتبة الفقاريات”. هل الأهواء والأراء الشخصية حقا كافية للحكم على الأمور؟ وهل هذا قانون أو نظام أم أنه عين الفوضى والعشوائية؟ وهل نقد الخطأ هو تحجيم للحريات وما هو سطح الحريات فلكل شيء حد لماذا يريد البعض أن يجعل من كلمة الحرية قناعا لمفهوم ” رغباتي وشهواتي” والرغبة يحكمها شخصية الفرد وتعليمه وأخلاقه واعتقاداته الشخصية الغير ملزمة لغيره .؟ أما الحرية فهي نطاق واسع من الأمور التى تتعدد جوانبها وسبل أخذها بما لا يتعارض مع قيم وعادات المجتمع ومن قبله الدين. فمتى تعارض مع عادات المجتمع صار شاذا غير مقبول ومتى تعارض مع الدين صار حراما وافسادا ينبغي محاربته بالحسنى من افشاء علم وتقديم حجة واذعان بالحق. بلا عنف بلا تكفير. كما أننا بحاجة الى العقل السليم والقلب السليم والبدن السليم. فالعقل السليم وسيلة الفهم السليم الراقي، والقلب السليم وسيلة لكل خير من محبة وسلام وصالح الأعمال والأفعال ، والبدن السليم هو نعمة العافية ومصدر القوة التى بها تبنى الأمجاد وتحقق الانجازات. لابد لكل من اراد فلاحا ان يمتلك قسطا من هؤلاء؟ فمن أجمل ما يطلبه العبد من ربه عفو وعافية ومعافاة والعفو لا يأتي الا بالافتقار الى الله والتوبة والانابة والاستغفار من الذنوب المثقلة للعبد المكبلة له. أما العافية فتلك السلامة والتوفيق والسداد أما المعافاة فتمام الأمر وبلوغ الأمل. يا الله ليس الأمر هينا ! اعتقد ان سنام هذا الامر ومحل بلوغه يكمن في التربية السليمة والمنهج السليم ، الكثيرون منا هذه الأيام يجتنبون الدين من سوء ما صدره أشباه العلماء وأشباه طلاب العلم من فكر متحجر ضيق للدين؟ جعل النفور هو الاستجابة اللاارادية العكسية لفعلهم المشين بحق دين الله من كتاب وسنة نبوية.
وللحديث بقية -الي اللقاء في الفصل الثاني 

 

المقال يعبر عن رأي كاتبه دون أدني مسئولية علي الموقع حقوق النشر محفوظة للكاتب

شاهد أيضاً

محمد بغدادي يكتب:السيسي مفتاح العودة ومالك قلوب المصريين

المصريين بجد-محمد بغدادي بعد سلسلة الأحداث الدامية التي شهدتها مصر إبان يناير 2011، شهدت الدولة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.