محمد قاروب يكتب: رواية الشيخ محيي الدين الفصل (12)
محمد قاروب-المصريين بجد
الفصل الثاني عشر: أمة اقرأ بغير قراءة
البعض منا مازال يعتقد أن مسرحية” مدرسة المشاغبين” مجرد مسرحية كوميدية تتكرر في الأعياد! ولا يدري أن الحقيقة في مدارسنا وجامعاتنا اليوم أكثر كوميدية ، طبعا كوميديا من النوع – السوداوي- الذي تم بناءه على انحطاط القيم والأخلاق وتدهور منظومة التعليم بكافة اركانها. من منا لا يشتكي غلاء الدروس الخصوصية ؟ حتى صارت كالمافيا بلا أدنى مبالغات. كم منا يستدين أحيانا ليدفع للمدرس ثمن خدمة كان لازاما عليه داخل الفصل الدراسي تقديمها بالمجان؟ الكثير يتحدث عن تدهور أحوال المعلمين وهذا من حق المعلمين ولكن أين حق الطالب الذي لا يزداد مع مدرسته الا جهلا! مناهج الدراسة في وادي وسوق العمل في وادي أخر! مناهج الحفظ لقتل الابداع وفن الخيال ومحو أي أمل في التفكير التعقيد في الامتحانات والتعسف في منح الدرجات تقتل ثمرة المجتهد والموهوب لابد أن هذه المناهج صنعت لتجعل من الذكي “غبيا” ومن المبدع “يائسا فاشلا” وقد نجحوا في هذا. الكثير في قرية ميت صالح من الخريجين بالكاد يستطيع تكوين جملة باللغة الانجليزية بطريقة صحيحة.بل وبالكاد يعرفون اللغة العربية فما استحدثه شبابنا من لغة خاصة بهم منذ سنوات يدل بشكل واضح إلى أي هاوية نتجه! بعضهم تخرج من كلية التجارة وكل ما يعرفه أن “التجارة شطارة” . والبعض الأخر اكتفى بشرف التعلم دون الاستفادة الفعلية منه! من التعليم تعرف الأمم. اخبرني كم ميزانية التعليم في بلدك أخبرك أحوالها بلا سابق معرفة! التعليم أساس الأساس . حجر الزاوية. عمود بناء المواطن الفعال كم يسمونه في برامجهم التنموية. المضحك المبكي أن أغلب المسلمين اليوم زهاد في القراءة وأزهد في اقتناء الكتب! التعليم التليفزيوني والفيسبوكي هما وسيلة الثقافة اليوم! وبقدر الاعجابات والمشاركات والتعليقات تتحدد قيمتك المجتمعية ومدى تأثيرك على الناس! قياس ومنطق عجيب لكنه حقيقة على أي حال. لذلك تجد مثقفين اليوم كل علاقتهم بالثقافة هو جلوسهم على المقاهي كعادة المثقفين في الأفلام والمسلسلات ! وكلما تفوهت بكلام غير مفهوم كنت مثقفا وعلا التصفيق والهتاف! لاشك أن نزول الوحي بغار حراء على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وابتداء كلمات الله له “اقرأ” لم تكن محض صدفة! فليس هناك صدف عند الله . الله يريد أن يعلمنا أن هذه الأمة جاءت لتقرأ لتفهم لتعلم لترتقي. فإذا أهملت ذلك ساد الكساد نواحي حياتها بلا استثناء. هل منكم من لا يرى هذا الواقع الأليم اليوم في أمتنا الاسلامية! لقد صرنا أضحوكة الأمم بتخلفنا عن ركب العلم والتقدم! يدعوننا عالم ثالث! وكنا يوما ما بهذا الدين نحكم الأرض تحت خلافة كانت تزلزل راياتها العروش وتخلع من قوتها القلوب! فرق كبير بين مجتمع يريد صنايعية ومجتمع عايز كل فئات المجتمع تتجه أن تصبح صنايعية. احترام التخصص مش رفاهية على فكرة ياعرب يا محترمين، دا شيء مطلوب . انما لعبة الكراسي الموسيقية دي في شغل المهن والوظائف لن تنفع أشخاص ولن تخدم وطن، خريج المعهد نجار والنجار يشتغل حلاق والمهندس يشتغل محاسب وخريج التربية الرياضية يشتغل مندوب مبيعات أعذروني دا تهريج . وكفاية شعار اشتغل أي حاجة دا لانه من الاخر دا اللي ضيع البلد الكل بقا شغال أي حاجة ومحدش متقن ولا مبدع ولا ماهر في أي حاجة. سوق العمل والانتاج عندك اليوم يكاد يكون خارج أي خطط تنافسية من سياسة أي حاجة اللي ماشيين بيها وما زال للأسف الكثير مقتنع لحد الايمان ، رغم برهان الايام وعجز موازتنا المتألق أنها أسخف كذبة ولابد أن تقتلع من عقول الحكومات قبل الشعوب المقهورة . ضعوا الرجل المناسب في المكان المناسب يرحمكم الله وكفانا لعب بطموح وقدرات الناس. نحن نريد العلم لأن العلم يحرس المرء ويرشده ويهذبه ويقويه وكلما أنفق العلم في نشره زادت قيمته. نريد العلم لأنه مع العلم ليس سهلا قط أن يخدعنا أحد. نريد العلم لأنه بالعلم تقاس حضارة الأمم ومدى رقي مواطنيها.