مقالات
محمد بكري يكتب قصة قصيرة : ( خلق شهرزاد) الجزء الأول
محمد بكري -المصريين بجد
رؤية جديدة لعالم شهريار نحلق فيه في فاناتزيا درامية عن شغف شهريار بابداع كل جديد … ولو كان خلق شهرزاد-قصة مسلسلة من اربع اجزاء
(1)كان الصخب قد تجاوز كل حد ممكن ومقبول داخل قاعة ( الكلام ) وبلغ سقف القاعة المرصعة بالمرايا، فكان الصوت يزدوج ، فيشعر شهريار بالونس والألفة ويهتف ” .. مازلت لا أسمع .. مزيد من الكلام .. أكثروا من الجدل.. لا تقطعوا الصراخ .. من توقف عن الضحك ؟ لم آمر بعد بالبكاء ! هذه الرواية معادة .. تلك سخيفة .. تعجبني هذه النهاية .. ” وهكذا؛ كان الحضور المرهق لا ينتهي من الكلام لدرجة الموت .. وشهريار منفرج الأذن والعينان والشفاه والذراعين .. كان يسعى في جنون بين أطراف القاعة الواسعة يتلقف من هنا حكاية وهناك طرفة .. تارة قصيدة وأخرى مجادلة .. من كل نوع وفي كل اتجاه .. كان لا ينام إلا في فترات انتقاله من حلقة لحلقة .. والكل ممنوع من الصمت أو حتى التقاط الأنفاس .. فما أن تدعى إلي ( قاعة الكلام ) حتى تتأكد من كونك جديرا بضيافة شهريار .. حتى الموت ! فغير مسموح بالصمت أو السكون أو التدبر! حتى لو كان الحديث هرطقة وتجديف .. وكانت المرايا المعلقة هي الواشي المعلن الذي يحكم بالموت على الصامتين ومخالفة قواعد الكلام ! فقط كان شهريار من يتمتع بميزة اختيار الحديث وشكل ملابس الحضور .. كان شهريار في فراغ مطبق يجاوز الفضاء وأعمق من البياض! .. فراغ اكتشفه في حلم بني بدون وسائد .. امتد له من ( ثالثة ) لم يعرفها زمنه وجذبته لبقعة سوداء تثمر علامات استفهام في رأسه بدل الشعر ! كانت قاعة الكلام هي إحدى حلول الوجع .. وفي آخر الليل يقذف بحذائه لأعلى فتسقط الحروف على الحضور تشطرهم ، تدميهم ، تمشط أعناقهم بمروج الدماء .. شهريار وحده .. كان ينجو بالفراغ . يتخلل الشظايا ، يمرق على الرقاب يجز الألسنة .. شاهدة على الحمق والتجديف ! وفي الصباح تلد القاعة سقف مرايا جديد ينتظر السقوط بأمر شهريار .
Facebook Comments Box