مجدى الغزالى يكتب فى أعمدة الهدى الشيخ الهررى رضى الله تعالى عنه وأرضاه
مجدي الغزالي -المصريين بجد
هو سيدى عبد الله الهرريّ المولود في مدينة هرر في بلاد الحبشة سنة 1328 هـ = 1910. ونشأ في بيت متواضع محبا للعلم ولأهله، فحفظ القرءان الكريم استظهارا وترتيلا وإتقانا وهو قريب العاشرة من عمره في أحد كتاتيب باب السلام في هرر، وأقرأه والده كتاب “المقدمة الحضرمية في فقه السادة الشافعية” للشيخ عبد الله بافضل الحضرمي الشافعي، وكتاب “المختصر الصغير فيما لابد لكل مسلم من معرفته” وهو كتاب مشهور في بلاده. ثم حُبب إليه العلم فأخذ عن بعض علماء بلده وما جاورها، وعكف على الاغتراف من بحور العلم فحفظ عددا من المتون في مختلف العلوم الشرعية.
لم يكتف الهرري بعلماء بلدته وما جاورها بل جال في أنحاء الحبشه ودخل أطراف الصومــال مثل هرگيسا لطلب العلم وسماعه من أهله وله في ذلك رحلات عديدة لاقى فيها المشاق والمصاعب غير أنه كان لا يأبه لها بل كلما سمع بعالم شدّ رحاله إليه ليستفيد منه وهذه عادة السلف الصالح. وساعده ذكاؤه وحافظته العجيبة على التعمق في الفقه الشافعي وأصوله ومعرفة وجوه الخلاف فيه، وكذا الشأن في الفقه المالكي والحنفي والحنبلي. وأولى علم الحديث اهتمامه روايةً ودرايةً فحفظ الكتب الستة وغيرها بأسانيدها وأجيز بالفتوى ورواية الحديث وهو دون الثامنة عشرة حتى صار يشار إليه بالأيدي والبنان ويقصد وتشد الرحال إليه من أقطار الحبشة والصومال حتى صار على الحقيقة مفتيًا لبلده هرر وما جاورها ثم رحل إلى مكة المكرمة بعد أن كثر تقتيل العلماء وذلك حوالي سنة 1369 هـ= 1949 فتعرف على عدد من علمائها كالشيخ العالم السيد علوي المالكي، والشيخ السيد أمين الكتبي، والشيخ محمد ياسين الفاداني، والشيخ حسن مشاط وغيرهم وربطته بهم صداقة وطيدة، وحضر على الشيخ محمد العربي التباني، واتصل بالشيخ عبد الغفور الأفغاني النقشبندي فأخذ منه الطريقة النقشبندية.[1]
ورحل بعدها إلى المدينة المنورة واتصل بعدد من علمائها منهم الشيخ المحدث محمد بن علي أعظم الصديقي البكري الهندي الأصل ثم المدني الحنفي وأجازه، واجتمع بالشيخ المحدث إبراهيم الختني تلميذ المحدث عبد القادر شلبي وحصلت بينهما صداقة ومودة ثم لازم مكتبة عارف حكمت والمكتبة المحمودية مطالعًا منقبًا بين الأسفار الخطية مغترفًا من مناهلها فبقي في المدينة مجاورًا مدة من الزمن.
ثم رحل إلى بيت المقدس حوالي سنة 1370 هـ 1950 ومنه توجه إلى دمشق فاستقبله أهلها بالترحاب لا سيما بعد وفاة محدثها الشيخ بدر الدين الحسني رحمه الله، ثم سكن فيجامع القطاط في محلة القيمرية وأخذ صيته في الانتشار فتردد عليه مشايخ الشام وطلبته وتعرف على علمائها واستفادوا منه وشهدوا له بالفضل وأقروا بعلمه واشتهر في الديار الشامية بخليفة الشيخ بدر الدين الحسني وبمحدث الديار الشامية، ثم تنقل في بلاد الشام بين دمشق وبيروت وحمص وحماه وحلب وغيرها من المدن السورية واللبنانية إلى أن استقر ءاخرًا في بيروت.
أخذ الإجازة بالطريقة الرفاعية من الشيخ محمد علي الحريري الدمشقي، والخلافة من الشيخ عبد الرحمن السبسبي الحموي والشيخ طاهر الكيالي الحمصي. والإجازة بالطريقة القادرية من الشيخ الطيب الدمشقي، والخلافة من الشيخ أحمد البدوي السوداني المكاشفي والشيخ أحمد العربيني والشيخ المعمَّر علي مرتضي الديروي الباكستاني. وأخذ الطريقة الشاذلية من الشيخ أحمد البصير في الحبشة. وأخذ النقشبندية من الشيخ عبد الغفور العباسي المدني النقشبندي والخلافة من الشيخ المعمَّر علي مرتضي الديروي الباكستاني رحمهم الله تعالى, كما أخذ الخلافة بالطريقة السهروردية والچشتية من الأخير.
ومن مؤبفاته
الصراط المستقيم في التوحيد, طبع مرات عديدة.
الدليل القويم على الصؤاط المستقيم في التوحيد, طبع.
المطالب الوفية شرح العقيدة النسفية, طبع.
إظهار العقيدة السنية بشرح العقيدة الطحاوية, طبع.
الشرح القويم في حل ألفاظ الصراط المستقيم, طبع.
صريح البيان في الرد على من خالف القرءان, طبع.
إجماع الأمة في أصول الدين والثاني في المسائل التي خالف فيها إجماع الأمة في الفروع وقد طبع الجزء الأول والثاني قيد الطبع.
شرح الصفات الثلاث عشرة الواجبة لله, طبع.
العقيدة المنجية وهي رسالة صغيرة أملاها في مجلس واحد, طبع.
التحذير الشرعي الواجب, طبع.
رسالة في بطلان دعوى أولية النور المحمدي, طبع.
رسالة في الرد على قول البعض إن الرسول يعلم كل شيء يعلمه الله, طبع.
الغارة الإيمانية في الرد على مفاسد التحريرية, طبع.
الدرة البهية في حل ألفاظ العقيدة الطحاوية, طبع.
صفوة الكلام في صفة الكلام, طبع.
رسالة في تنزه كلام الهه عن الحرف والصوت واللغة, مخطوط.
التعاون على النهي عن المنكر, طبع.
قواعد مهمة, طبع.
شرح ألفية السيوطي في مصطلح الحديث, مخطوط.
التعقب الحثيث على من طعن فيما صح من الحديث, طبع. رد فيه على الألباني وفند أقواله بالأدلة الحديثية الباهرة حتى قال عنه محدث الديار المغربية الشيخ عبد الله بن الصديق الغماري رحمه الله “وهو رد جيد متقن”.
نصرة التعقب الحثيث على من طعن فيما صح من الحديث, طبع.
الروائح الزكية في مولد خير البرية, طبع.
شرح البيقونية في المصطلح, مخطوط.
رسالة في حد الحافظ, مخطوط. وهي رسالة أملاها في مجلس واحد.
جزء في أحاديث نص الحفاظ على صحتها وحسنها, مخطوط.
أسانيد الكتب السبعة في الحديث الشريف, طبع.
الأربعون الهررية, وهو أربعون حديثا من أربعين كتابا من كتب الحديث مشروحة, مخطوط.
مختصر عبد الله الهرري الكافل بعلم الدين الضروري على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه, طبع.
بغية الطالب لمعرفة العلم الديني الواجب, طبع.
شرح ألفية الزبد في الفقه الشافعي, مخطوط.
شرح متن أبي شجاع في الفقه الشافعي, مخطوط.
شرح متن العشماوية في الفقه المالكي, مخطوط.
شرح التنبيه للإمام الشيرازي في الفقه الشافعي, لم يكمل.
شرح منهج الطلاب للشيخ زكريا الأنصاري في الفقه الشافعي, لم يكمل.
شرح كتاب سلّم التوفيق إلى محبة الله على التحقيق للشيخ عبد الله باعلوي, مخطوط.
مختصر عبد الله الهرري الكافل بعلم الدين الدين الضروري على مذهب الإمام مالك رضي الله عنه, طبع.
مختصر عبد الله الهرري الكافل بعلم الدين الدين الضروري على مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه, طبع.
كان العلامة الشيخ عبد الله الهرري رحمه الله، شديد الورع، متواضعًا، صاحب عبادة، كثير الذكر، يشتغل بالعلم والذكر معا، زاهدًا طيب السريرة، شفوقًا على الفقراء والمساكين، كثير البر والإحسان، لا تكاد تجد له لحظة إلا وهو يشغلها بقراءة أو ذكر أو تدريس أو وعظ وإرشاد، عارفًا بالله، متمسّكًا بالكتاب والسنة، حاضر الذهن قوي الحجة ساطع الدليل، حكيمًا يضع الأمور في مواضعها، شديد النكير على من خالف الشرع، ذا همة عالية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يخاف في الله لومة لائم حتى هابه أهل البدع والضلال وحسدوه ورموه بالأكاذيب والافتراءات بقصد تنفير الناس منه لكن الله يدافع عن الذين ءامنوا.
اشتد عليه المرض فألزمه الفراش بضعة أشهر حتى توفاه الله تعالى فجر يوم الثلاثاء الثاني من رمضان عام 1429 هجرية الموافق للثاني من أيلول عام 2008 في منزله في بيروت عن ثمانية وتسعين عاما رحمه الله وأعلى في الجنان مقامه. وجرى عصر الثلاثاء تشييعه في بيروت في مأتم حاشد مهيب بحضور حشود كبيرة من مريدي وطلاب الشيخ رحمه الله وأعضاء الهيئة الإدارية في جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية تقدمهم رئيس الجمعية سماحة الشيخ حسام قراقيرة وعدد كبير من المشايخ والدعاة ورؤساء جمعيات إسلامية وصوفية وهيئات ومؤسسات خيرية واجتماعية وتربوية، وممثلين عن جمعيات عائلية وشبابية وكشفية ونسائية، وأعضاء مجالس بلدية ومخاتير ووفود شعبية وشخصيات من مختلف مناطق بيروت وجميع المحافظات اللبنانية. وقد نقل جثمان الراحل الكبير رحمه الله من منزله إلى مسجد برج أبي حيدر بعد صلاة الظهر حيث تجمعت الحشود في الشارع الرئيس والشوارع المحيطة بالمسجد ، وامتلأ المسجد بالحشود والوفود التي تقاطرت من جميع المناطق لإلقاء نظرة الوداع على الشيخ. واستمر الأمر على هذا الحال إلى أن جاء وقت صلاة العصر حيث أمّ رئيس جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية سماحة الشيخ حسام قراقيرة المصلين في صلاة الجنازة على العلامة الشيخ الهرري. بعد ذلك نقل جثمان الراحل إلى عقار مجاور للمسجد حيث ووري الثرى على حسب الشريعة الإسلامية. وقد أمّ مركز جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية في بيروت آلاف المعزين بوفاة العلامة المحدث الشيخ عبد الله الهرري رحمه الله من بينهم ممثل رئيس الجمهورية اللبنانية ، ممثل رئيس مجلس النواب اللبناني ، ممثلو الكتل النيابية في مجلس النواب اللبناني، ممثل جامعة الدول العربية، وفد دار الفتوى في لبنان ، روؤساء حكومة سابقون ، عدد كبير من الوزراء والنواب الحالين والسابقين، ممثل قائد الجيش اللبناني، عدد من سفراء الدول العربية والدول الإسلامية في لبنان، شخصيات قضائية وعسكرية وتربوية واجتماعية وإعلامية ونقابية، رؤساء جمعيات إسلامية وخيرية واجتماعية ، أحزاب لبنانية وفصائل فلسطينية، ورؤساء وأعضاء مجالس بلدية، وحشد كبير من المشايخ والدعاة والعاملين في حقل الدعوة الإسلامية.