كريمة وهيب تكتب فى أعمدة الهدى :سيرة الحياة للشيخ الغوث عبد القادر الكيلاني
كريمة وهيب-المصريين بجد
نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني هو شيخ الاسلام تاج العارفين محيي الدين أبو محمد السيد الشيخ عبد القادر الجيلاني بن أبو صالح موسى بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن أبي محمد الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي . وكان الامام عبد الله المحض، ولد بالمدينة المنورة ونشأ فيها بين أهل البيت وهم أهل العلم والفضل والتقوى، وبعد ان نبغ واشتهر التف حوله عدد كبير من الناس ينتهلون من علمه وفضله، فوشى به بعض اهل الفتنة لدى الخليفة العباسي (ابي جعفر المنصور) فاقدمه مع اسرته الى بغداد سنة (144-ه) وحبسهم في سجن فيها وعذبهم ومات بعضهم بالتعذيب، ومات الامام عبد الله المحض في الحبس ودفن في ضاحية من ضواحي بغداد الجنوبية. وقبره هنالك يزار وقد انتشئ عنده مسجد صغير يسمى مزار السيد عبد الله وهو يقع على الضفة الجنوبية من قناة اليوسفية وعلى بعد عشر كليو مترات الى الغرب من قرية (اليوسفية) الكائنة على مسافة (20) كيلو مترا الى الجنوب من (جسر الخر) حيث يمر فيها الطريق الموصل بين بغداد والحلة . ولقد اقامت ذرية الامام عبد الله المحض في بغداد حتى زال الاضطهاد عن العلويين في عهد الخليفة العباسي (المأمون) حيث تفرق العلويون في الامصار ومنهم ذرية الامام عبد الله المحض، فقد هاجر بعضهم الى الحجاز واليمن وقامت لهم امارات فيها وهم السليمانيون اولاد سليمان بن عبد الله المحض، وهاجر بعضهم الى الغرب وقامت لهم فيه امارات لا زالت قائمة وهم (الا دارسة) اولاد ادريسى بن عبد الله المحض. وهاجر بعضهم الى بلاد فارس ومنهم من سكن جيلان وكانت لهم الامارة الروحية فيها وهم (الجونيون) اولاد موسى الجون بن عبد الله المحض . سميت الاسرة العلوية التي نشأت في جيلان باسم اشراف جيلان، وقد نشأ الشيخ عبد القادر رحمه الله في كنف هذه الاسرة الطيبة فكان هذا المنشأ الكريم قاعدة لشخصية هذا الشيخ الجليل . مولده ونشأته : ولد العارف باللهالشيخ عبد القادر الجيلاني في نيف وهي قصبة من جيلان سنة (470ه-1077م) تقرأ بالجيم العربية كما تقرأ بالكاف الفارسية فيقال لها جيلان أو كيلان، وهي اسم لبلاد كثيرة من وراء طبرستان، ليس فيها مدن كبيرة وانما هي قرى ومروج بين الجبال . ولا تزال كيلان محتفظة باسمها القديم وهي ولاية ايرانية تقع في جبال البروز المتدة من الشرق الى الغرب موازية للساحل الجنوبي من بحر قزوين . وقد نشأ الشيخ عبد القادر في اسرة كريمة جمعت شرف التقوى، فقد كان والده ابو صالح موسى على جانب كبير من الزهد وكان شعاره مجاهدة النفس وتزكيتها بالاعمال الصالحة ولذا كان لقبه بالفارسية جنكي دوست اي محب الجهاد . وكانت للشيخ موسى اخت صالحة اسمها عائشة كان الناس يستسقون بها اذا حبس عنهم المطر، وكان جده عبد الله بن يحى الزاهد من أهل الارشاد، وينتهي نسب هذه الاسرة الى الامام عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن ابي طالب . طلبه للعلم: وفي غمرة هذه الفوضى كان الشيخ عبد القادرقدس الله سرهيطلب العلم في بغداد، وتفقه على مجموعة من شيوخ الحنابلة ومن بينهم الشيخ ابو سعيد المُخَرمي، فبرع في المذهب والخلاف والاصول وقرأ الادب وسمع الحديث على ايدي كبار المحدثين . ولقد قاس الشيخ عبد القادر ما كان يقاسيه الغرباء من طلبة العلم في ذلك العهد المضطرب من شظف العيش . وكانقدس الله سرهقد امض من عمره النفيس ثلاثين عاما يدرس فيها علوم الشريعة اصولها وفروعها، وقد كابد خلال هذه الفترة الطويلة ضيق العيش ومرارة الحرمان، بيد ان العناية الالهية كانت قد منحته عقلا راجحا وصبرا جميلا وهمة عالية، فاستطاع بهذه السجايا ان يحتمل الشدائد ويذلل الصعاب، فلم تجزع نفسه من الشدة ولم تفتر عزيمته عن المثابرة في طلب العلم وفاته ومرقده : واستمر الشيخ عبد القادرقدس الله سرهمثابرا في دعوته الى اللهوجهاده في سبيله، حتى وافاه الاجل المحتوم ليلة السبت العاشر من ربيع الاخر سنة (561ه)، فرغ من تجهيزه ليلا وصلي عليه ولده عبد الوهاب في جماعة من حضر من اولاده واصحابه، ثم دوفن في رواق مدرسته، ولم يفتح باب المدرسة حتى علا النهار واهرع الناس للصلاة على قبره وزيارته وكان يوما مشهودا، وبلغ تسعين سنة من عمره . المدرسة القادرية والمسجد الجامع : ولقد امتدت ايدي التخريب والتعمير الى مدرسة باب الازج ومسجدها مرارا عديدة خلال العصور المتعاقبة، فقد نالها التخريب على ايدي المغول عند غزو بغداد من قبلهم في القرن السابع الهجري، وعمرت بعد ذلك على ايدي من اسلم من سلاطين المغول، ونالها التخريب مرة أخرى على ايدي الصفويين من شاهات ايران بعد استيلائهم على بغداد في القرنين العاشر والحادي العشر الهجريين وعمرت بعد ذلك على ايدي السلاطين العثمانين بعد استعادتهم لبغداد من ايدي الصفويين . وقد بنيت المدرسة والمسجد مجددا واتخذا وضعهما الاخير في عهد السلطان مراد الرابع العثماني سنة (1048-هـ) واطلق عليها اسم جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني .