قصر الامير طاز
المصريين بجد
في قلب القاهرة التاريخية، ستسوقك قدمك لهذا القصر العظيم، الذي بناه أحد أمراء المماليك ولم يتمكن من الإقامة به إلا ثلاث سنوات وبضعة أشهر فقط، أنه قصر الأمير طاز الذي لازال شامخاً يروي تاريخ عدة عصور
المنشأ:
الأمير سيف الدين عبد الله طاز بن قطغاج، أحد أمراء السلطان الناصر محمد بن قلاوون وساقيه وزوج ابنته، وبعد موت الناصر عام 1340م، بدأ نجم طاز في الصعود خلال حكم الصالح إسماعيل بن الناصر محمد حتى أصبح في عهد أخيه المظفر حاجى أحد الأمراء الستة أرباب الحل والعقد ممن كانت بيدهم مقاليد الدولة.
موقعه:
يقع القصر بمنطقة الخليفة بالقلعة بشارع السيوفية المتفرع من شارع الصليبة، له واجهتين تطل إحداهما على شارع السيوفية، والأخرى مطلة على حارة الشيخ خليل، وتولى الأمير منجك عمارته حتى جاء قصراً واسطبلاً كبيراً فرغ من بنائه عام 1352م وقد تم تشييده احتفالا بزواج الأمير من “خوند زهرة” ابنة السلطان الناصر محمد.
عمارة القصر:
إنه القصر المملوكي الوحيد الباقي حتى الآن بكامل عناصره المعمارية والتي تدل على مظاهر الحياة اليومية بالقصور المملوكية، فهو عبارة عن فناء كبير في الوسط خصص لحديقة تتـوزع حولها مـن الجهات الأربع مباني الـقـصـر الرئيسية والفرعية، وأهمها جناح الحرملك والمقعد ” السلاملك” أي المبنى الرئيسي المخصص للاستقبال، والتوابع والإسطبل. وهو ينقسم لناحية قبلية وأخرى بحرية. في الجهة القبلية، يقع الإسطبل والقاعة الملحقة به وحواصل ومخازن وأحواض الدواب والسكن الشتوي الذي يعلو المدخل الرئيسي، أما الناحية البحرية، فهي الناحية السكنية حيث الحرملك الخاص بسكن السيدات ويجاوره السلاملك الخاص بالرجال ومبني الاستقبال.
القاعة العلوية للحرملك تنقسم لثلاثة أجزاء، الإيوان الرئيسي وإيوان مقابل فرعي صغير ويتوسطهم النافورة وعلى جانبي الإيوان الرئيسي توجد حجرتين، إحداهما زخرف سقفها بشكل الكأس وهو رمز وظيفة الساقي التي تولها الأمير طاز ويحيط به ألقاب الامير، ويقابل هذه القاعة حجرة شتوية بها دفاية، وملحق بالحرملك حمامات علوية تتكون من ثلاث حجرات، حجرة باردة ثم دافئة ثم ساخنة بها المغطس، والتغطيات جميعها بزجاج ملون والذي كان يؤدي وظيفتين واحدة معمارية وهي الإضاءة من خلال أشعة الشمس والأخرى زخرفية بالألوان المختلفة الأحمر والأخضر.
ويطل الجزء الخاص بالحرملك على الفناء بمجموعة من الشبابيك المصنوعة من الخشب وتعلوها ثلاثة شبابيك مستديرة تعرف بالقمريات، أما السلاملك فقد خصص الدور الأرضي منه للحراس الذي يتولى رئاستهم الأمير، ويليه الساقية الأرضية، بينما خصص المقعد العلوي بالمستوى الأول من السلاملك لاستقبال ضيوف الأمير طاز والجلوس معهم مع الفرقة الموسيقية وإقامة الاحتفالات، وهو عبارة عن مساحة مستطيلة تطل على الصحن بأربعة عقود مدببة ويقع خلفه حجرات عبارة عن ملاحق ومنافع ومبيت للسلاملك.
تعاقبت على القصر عدة عصور عقب العصر المملوكي منها العصر العثماني الذي اتخذ القصر مقراً له، ثم أصبح بعد ذلك مقراً لنزول الباشاوات المعزولين عن الحكم مثل الوالي يكن باشا، كما استقطع الأمير علي أغا جزء من القصر بعد هجره وتهدمه عام 1715م وشيد عليه سبيل مياه لسقاية المارة يعلوه كتاب لتحفيظ القرآن وهو من طراز الأسبلة ذات الشباك الواحد، وفي عصر محمد علي باشا، استخدمه كمدرسة حربية أو مخزن سلاح بحكم قربه من القلعة مقر الحكم، وأثناء حكم الخديوي إسماعيل قام علي باشا مبارك باستغلال المكان كمدرسة حيث تم إنشاء ثلاث حجرات تتوسط الفناء الأصلي. وبعد عصر الخديوي اسماعيل، قامت وزارة التربية والتعليم بتحويله لمخزن كتب ومناضد، واستمر المخزن حتى بداية دخول وزارة الثقافة مشروع تطوير القاهرة التاريخية عام 2002 حيث بدء الترميم والذي استمر حتى أكتوبر 2005 وتحول بعدها لمركز إبداع تابع لصندوق التنمية الثقافية بدار الأوبرا.
القصر حاليا:
يضم القصر حالياً معرض دائم بعنوان «روائع المماليك» وهو عبارة عن خمس حجرات تعرفنا الحجرة الأولى من هم المماليك وتقدم الثانية نبذة مختصرة عن فنون المماليك وعصرهم وسياستهم وتجارتهم فيما تتحدث الحجرة الثالثة عن حياة الأمير طاز وقصره بينما تشتمل آخر حجرتين على ناتج حفائر القصر أثناء ترميمه.