جيهان مأمون تكتب في تابوت الاسرار: فى محراب القلب يسكن الإله…. ……
جيهان مأمون-المصريين بجد
فلسفة عظيمة نقشوا بحروفها الذهبية عظمة حضارتهم
حضارة مصر القديمة الخالدة تعتبر من أعظم الحضارات على مر التاريخ ، ظلت صامدة فى وجه الزمن ،عاشت لآلاف السنين و كانت المنبع الراسخ الذى استمدت منه سائر الحضارات الأخرى العلوم و الفنون و الآداب و الأخلاق الرفيعة ، وكان سر خلودها هو الإنسان المصرى ذاته …
لنفهم العمق الروحى لفلسفة مصر القديمة التى تبعد عن زمننا الحديث بآلاف السنين علينا أن ندرك بأنهم آمنوا بعدة مفاهيم شكلت الدعامة الأساسية لعظمة حضارتهم أولها أن الكون لا يسير بطريقة عشوائية ولكن وفقا لنظام محكم له قوانين دقيقة فحاولوا محاكاة هذه القوانين فى حياتهم ….
كان أقصى ما يخشاه المصرى القديم هى الفوضى التى اعتبروها قمة الشر و أطلقوا عليها (أسفت) …. و اعتبروها قادرة على تدمير النظام الكونى و كان لابد من التصدى لها فالنوايا الطيبة وحدها ليست كافية لإزاحتها و التخلص من خطرها … و قد رمزوا لقوى الفوضى و الظلام بالثعبان أبوفيس (أبيب) ذو الثنيات الضخمة فى ظهره التى ترمز لطاقة الفوضى ، و كانت مهمة الإنسان فى الحياة هى تحطيم أغلال أبوفيس و إخضاع الأنا ، شيطان النفس التى شبهوها ب (ست) للوصول إلى السمو و الرقى….
ثانى هذه المفاهيم …أن القلب هو أهم عضو فى جسم الإنسان فعبروا عن هذا المعنى قائلين
و فى محراب القلب يسكن الإله…. ……
آمن قدماء المصريين بأن القلب هو المركز الرئيسى للجسم ، البوابة التى ينفذ الإنسان من خلالها لمعرفة خبايا نفسه ، هو المكان الذى يبدأ منه التغيير الشامل لتحقيق التوازن الداخلى ، هو بوابة الترقى و السمو و لو وصل الإنسان للحب الكامن بداخله ، و سما فوق شهوات العالم المادى سيصل لمرحلة التنوير…
كما آمنوا بأن القلب هو مركز البصيرة و الوعى و أن كل شىء ينبع من القلب الذى يعتبر شاهدا على الإنسان فهو الذى يشهد أمام قضاة ماعت يوم الحساب ليثبت أنه قلب سليم فكان القلب بالنسبة لهم هو الدليل و المرشد للإنسان فى الحياة الدنيا و فى الحياة الأبدية …كما نقول إلا من آتى الله بقلب سليم
حكمة مصرية قديمة …
لاتقل سمعت إن لم تكن سمعت بأذنك …
ولا تقل رأيت إن لم تكن رأيت بعينيك …
ولا تقل علمت إن لم تكن علمت بمعرفتك …
حتى لا تقودك أقوالك الى شهادة الزورعند وضع قلبك فى الميزان .
المفهوم الثالث هو أن المعبد ليس فقط مكانا لتلقين و دراسة التعاليم الدينية و لكنه الينبوع الذى ينشر الحب و نور العلم على مصر ….
كانت المعابد مراكز لتلقين العلوم التى اعتبروها مقدسة مثل علم الهندسة ، علم الفلك ، علم نشأة الكون ، علم التحنيط …… وكل الأدوات الطقسية التى استخدمها المصرى القديم بداخل المعابد كانت ترمز لقوة الحياة و عنفوانها مثل مفتاح الحياة و عصا الواس و الدجد و غيرها …
كان المعبد يعتبر نموذجا مصغرا للكون كما فهمه المصرى القديم فبنيت المعابد بقوانين محكمة محاكاة لقوانين خلق الكون الدقيقة ، فكان وضع أساس المعبد وتشييد الدعائم و الأعمدة و الحوائط يتم فى توقيتات معينة تبعا لعلوم الفلك وللخريطة النجمية فى السماء ، وقد ينتظر البناءون لفترات زمنية طويلة قبل البدء فى التشييد حتى تظهر نجمة معينة فى السماء فيبدأ البناء فى نفس لحظة الظهو ولذلك نجد ظاهرة تعامد الشمس فى عدة مبانى ومعابد مصرية قديمة …
كان الهدف من بناء المعابد هو وصل السماء بالأرض …و اعتبروا أن الروح هى همزة الوصل فسموا المعابد ببيوت الروح ( بربا) ، ففيها يرفع الإنسان يده عاليا ليتصل بالسماء و يتلقى المدد.