تعرف على تاريخ ونشأة الكلمات المتقاطعة في مصر والعالم وأثرها على صحة الإنسان
سامح عبده-المصريين بجد
ينتظرها محبوها بشكل يومي، ويستغرقون الساعات في حلها لتسويد كل المربعات البيضاء دون ملل، إنها لعبة “الكلمات المتقاطعة” التي أصبحت جزء أساسي في الحياة اليومية للكثيرين على مدار سنوات عديدة.
ظهرت الكلمات المتقاطعة للمرة الأولى على صفحات جريدة “نيويورك ورد الأمريكية” في ديسمبر عام 1913، حينما طلب رئيس تحرير الجريدة من الصحفي البريطاني أرثر وين مصمم الألغاز اختراع لعبة جديدة تجذب القراء، وفكر “أرثر” في ألعاب الطفولة القديمة حيث كان يجمع الحروف معًا لصنع كلمات صحيحة، فاهتدى إلى لعبة الكمات المتقاطعة، لكنها لم تكن بالشكل الحالي، حيث لم تكن تحوى مربعات سوداء بل كانت على شكل “معين”، وهو شكل رباعى مكون من مثلثين متساويي الساقين، وأطلق عليها في ذلك الوقت كملة “fun”.
انتشرت الكلمات المتقاطعة بشكل كبير في الولايات المتحدة، لدرجة جعلت الناشرة ريتشارد سيموت تخصص قسما كاملا لها في صفيحتها، ولم تكتف بذلك بل أخبرت آرثر بنشر كتاب كامل عن الكلمات المتقاطعة، وتم طباعة ما يقرب من 3600 نسخة، يحتوي كل منها على 200 لغز تقريبا.
اعتبرها علماء النفس وسيلة مبتكرة لتهدئة الأعصاب، حيث أشار عالم كولومبي إلى أنها ترضي 45 رغبة أساسية للجنس البشري، كما أشارت دراسة طبية ألمانية إلى أن حل الكلمات المتقاطعة يساعد على إبقاء الذهن نشيطًا، ويقلل من مخاطر الإصابة بأمراض الشيخوخة، وخاصة الخرف، وهو ما أيدته أيضا دراسة أصدرتها جمعية الزهايمر البريطانية.
كان كل ما سبق سببا رئيسيا في انتشار اللعبة حول أرجاء العالم بلغات مختلفة محققة نجاحا كبيرا حتى أصبحت تشكل عنصرا رئيسيا في أكبر الجرائد العالمية اليومية والأسبوعية، حتى أن جريدة “نيويورك تايمز” الشهيرة خصصت محررين مختصين لرسم مربعات الكامات المتقاطعة لها رغم اعتراضها على اللعبة في بداية الأمر.
وفي الوطن العربي، لاقت اللعبة انتشارًا ونجاحًا واسعًا، فإضافة إلى انتشارها في غالبية الصحف والمجلات المصرية والعربية، بل وتبارى الكثير من العرب على إحراز أرقاما قياسية في الكلمات المتقاطعة، ففي عام 2006 دخل الصحفي التونسي ناجي بن جنات موسوعة جينيس للأرقام القياسية بأكبر شبكة كلمات متقاطعة في العالم، يبلغ طولها 20 مترًا وعرضها 3 أمتار، وتحتوى على 1845 مربعًا، ولكن في العام نفسه، نجح الشاب السوري عبدالرازق مجذوب في تحطيم هذا الرقم، بشبكة طولها 36 مترًا وعرضها 5 أمتار، وتتكون من 2920 مربعًا.
وكان آخر من حطم الرقم القياسى لأكبر شبكة كلمات متقاطعة في العالم هو شاب مغربي يدعى “وزبير”، بشبكة يبلغ طولها 60 مترًا وعرضها 56 مترًا، وتضم 74348 لغزا ومعلومة متنوعة، وتضم 200282 خانة.
بدأت الكلمات المتقاطعة في مصر بنسخ صغيرة في مجلات الأطفال مثل “بلبل”، و”السندباد”، وكانت تحتوي على معلومات بسيطة تناسب الأطفال، حتى قررت مجلة الشبكة اللبنانية، التي كانت توزع عدد كبيرًا من النسخ في مصر آنذاك، وضع لغز الكلمات المتقاطعة على إحدى صفحاتها ونالت إقبالًا وشهرة.
كان الصحفي إبراهيم عطية هو أول من عرض فكرة الكلمات المتقاطعة التي يصممها بنفسه على رجاء النحاس، رئيس تحرير مجلة “الكواكب”، الذي أعجب بالفكرة كثيرا لتستقبل المجلة عددا كبيرا جدًا من الخطابات، وهنا قرر رئيس التحرير توزيع جوائز على من يقوم بحل المسابقة، وكانت الجوائز عبارة عن اشتراكات أسبوعية وشهرية وسنوية.
وخلال هذه الفترة قرر الصانع الأول للكلمات المتقاطعة في مصر، إبراهيم عطية، الرحيل إلى إنجلترا تاركًا سر الكلمات المتقاطعة فى يد شقيقه الأصغر محمد عطية، ليتولى من بعده مهمة صناعة الكلمات المتقاطعة، بل وطورها بشكل كبير على مدار سنوات عديدة في أشهر الجرائد المصرية.