مقالاتمقالات رئيس مجلس الادارة

اللوكلوك شوك والإعلام المفكوك

إيمان زيدان-المصريين بجد
في ماضي ليس بالبعيد كانت علاقتنا المنزلية بالإعلام المرئي والمسموع تقتصر علي عدد محدود من القنوات المحلية ومحطات الاذاعة المصرية ،كنا ننتظر برامجنا المفضلة علي القناة الاولي والثانية المصرية فقط الي ان بدأت القناة الثالثة والقنوات الاقليمية وكنا نتابعها في اوقات الفراغ حينما ننتهي من اعمالنا وتحصيل دروسنا واتمام واجباتنا المنزلية واهتماماتنا الاجتماعية فلم تكن تسرق اوقاتنا ولا تؤثر بالسلب علي حياتنا وعندما يأتي المساء ننتقل الي جهاز الكاسيت ، والمحطات الاذاعية. كان الاطفال يتابعون برامج الاطفال في الفترة الصباحية والتي كانت دليلا مصورا للسلوكيات الحميدة وطريقا منيرا لتربية صحيحة، حتي افلام الكارتون كانت هادفة وتقدم لهم القدوة السليمة ، الي ان تأتي الثانية عشر فنتابع جميعا نشرة الاخبار ويليها مسلسل الظهيرة والذي كان غالبا اجتماعيا بحتا يدور حول العلاقات الاجتماعية والاسرية وما كنا نري او نسمع من فنانين الماضي الجميل الا كل ما يثري انفسنا ويثقل خبراتنا في الحياة بما لا يخشي منه علينا اباؤنا وامهاتنا واولياء امورنا ،اذكر منها (هند والدكتور نعمان ،غدا تتفتح الزهور ،عصفور النار ،بابا عبده……الخ) لم يكن هناك ما يخدش الحياء ولم نكن نسمع العبارات القبيحة ولا الشتائم ولا القاذورات التي نراها فيما يسمونه الأن مجازا مسلسلات ،وعندما تأتي ساعة العصاري وما احلاها ، ننتظر اسماعيل يس وعبد الحليم وشادية وفاتن حمامة ….الخ ،كنجوم سبقوا ايامنا ولكن استمرت افلامهم في وجداننا تراثا وتاريخا بنينا عليه احلامنا باستثناء القليل منها الذي تعدي الخطوط الحمراء، الا ان معظمها كان يغلب عليه اخلاق الزمن الجميل حتي الافلام الرومانسية والمشاهد العاطفية لم تكن تجرح اعيننا ،لم يكن هناك افلام للبلطجية والمجرمين وارباب السوابق الجنائية وان وجدت لن تصورهم ابطالا ولن تبرر جرائمهم بضيق الحال ولن تصور الغالبية العظمي من الشعب علي شاكلتهم ،وان وجدت مشاهد غير لائقة اما ينظفها مقص الرقيب او تعلق عليها لافتة ممنوع من العرض .ولم نكن نسمع وقتها عن الحرية المزعومة للابداع ولا الدعارة المقنعة بلا اخلاق، فلم يكن هناك غير حقوق احترام المشاهد وحرية احترام الاخلاقيات ،كانت تجذبنا الأفلام التاريخية التي تحكي لنا تاريخ وطننا الغالي مصر في عصورها المختلفة نعيش فيها وترسخ الوطنية والانتماء بداخلنا ، وتأخذ عقولنا المسلسلات والافلام الدينية التي لم تعد تنتج الأن ولم تعد محط اهتمام . لم يكن يتعدي عدد المسلسلات ثلاث مسلسلات في اليوم ما زلنا نتذكر معظمها والافلام مابين ظهيرة وسهرات لن تصل الي العشره اسبوعيا ..ويتخلل الدراما برامج لم ينساها الجميع الي الان منها ماهو يومي ومنها ماهو اسبوعي ..الجميل انها كانت تتلائم مع اوقات اليوم فما يتلائم مع الصباح يعرض صباحا وما يتواءم مع المساء يعرض مساءا .فما بين حديث الروح وحديث الامام الشعراوي وحديث فضيلة شيخ الازهر الي برامج نافذة علي العالم والعلم والايمان الي نادي السينما ‘اخترنا لك ،حكاوي القهاوي,جولة الكاميرا ‘العالم يغني ‘تاكسي السهرة،والعديد والعديد من البرامج الهادفة التي لا تحضرني جميعا ولا تستطيع الذاكرة حصرها. كنا نجد في المذيعات ومقدمات البرامج الرقة والجمال والأخلاق العالية وتجذبنا ابتساماتهم الهادئة ونجد في المذيعين ومقدمي البرامج الرجولة والاحترام وتجذبنا ثقافتهم الواسعة. كنا نستمع الي المسلسلات الاذاعية ونتجول بالخيال مع السيناريو والحوار لنكون مشهدا تخيليا ،كنا نستمع الي الاحاديث الشريفة والقرءان الكريم والبرامج الدينية ولم نسمع يوما عن فتاوي التكفير ولا تحضير وصرف الجان وفك الاعمال . كانت البرامج الاخبارية تتنوع بين اقتصادية وسياسية ورياضية وكانت البرامج الحوارية رائعة وممتعة لا تشوهها التفاهات.الي ان هبط الينا من الفضاء او هبط علينا الفضاء بقوة الاقمار الصناعية وبدلا من ان تكون طريقا الي التقدم الثقافي والازدهار الفني، وتطوير الالة الاعلامية وزيادة حصة البشرية من الرقي والحضارة وبث الاخلاقيات الحميدة، انقلب الحال واصابتنا لعنة الفضائيات والبرامج الفضائية وزاد من لعناتنا برامج اللوكلوك شوك والتي زادت مساوئها إبان احداث يناير 2011 المشئوم ..وما ادراكم ما اللوكلوك شوك يا سادة ،انه حاله ميئوس منها من اعلام تافه ليس له معالم, يبث سمومه علي الملأ ويغرس اشواكه في قلب الوطن وليس له مقصد الا جمع المال من خلال الاعلانات ورفع نسب المشاهدة بفرقعات اعلامية غير هادفة قد تكون كاذبة احيانا وملفقة احيانا اخري وقلما تصيب الحقيقة،ترقص علي امال الناس وتطلعاتهم وتجعل من هموم الوطن وسيلة لجني الملايين لملأ جيوب صانعي الشائعات .لا يهتمون بإسأتهم لأشخاص او كيانات ولا يضيرهم هدم الاوطان،انتمائهم الوحيد للدولار وولائهم لمن يدفع اكثر،تجده خليط من المناظرات الحنجورية والافتكاسات اللا اخلاقية والاشاعات الوهمية . لم تكن المعارضة يوما اهانات ولا الانتقاد سب وبذاءات ولن يؤخذ النصح ابدا من فاقدي الاخلاق. لقد انتقلنا من مرحلة الاعلام الهادف الي مرحلة الاعلام القاذف ومن مرحلة البناء الي مرحلة الغباء والتفنن في اساليب الهدم ان الناقد الوطني البناء يعرض المشكلة باحترام ويقدم الحلول والاقتراحات والاليات المتاحة لحلها والبدائل المعروضة لها ويجب ان يكون هذا هو الدور الذي يضطلع به الاعلام والطريقة الوحيدة لتحقيق هذا هي الالتزام بالمهنية والاخلاقيات واستعادة ضمير الاعلام الوطني القادر علي توجيه المجتمع الي طريق البناء وحث افراده علي العمل والولاء استعيدوا اخلاقياتكم يا سادة ولا تكونوا خنجر مسموم في قلب الوطن اعيدوا الينا اعلامنا واخرجوا افكاركم المسمومة من ديارنا او استدعوا ضمائركم وعودوا لصفوفنا.
 
Facebook Comments Box

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by ExactMetrics