مقالات

اللواء عبد الحميد خيرت يكتب:عودة الروح للداخلية (19)

عبد الحميد خيرت

اللواء عبد الحميد خيرت-المصريين بجد

مقالات ذات صلة

من ينظر إلى آليات نظرية الفوضى الخلاقة، ويطابق فحواها على الواقع الذى كانت تعيشه البلاد، فى تلك الفترة الحرجة من تاريخ مصر، سيجد أن مؤسسة الرئاسة تطبقها حرفيًا وبكل دقة. ولن أتطرق إلى تلك الآليات تفصيلاً، حتى لا أكون مساعد فى نشرها، ولكن أمامنا نموذج العراق مثالاً نعيشه الآن.

فمنذ تولى الرئيس محمد مرسي الحكم، وأمامه ثلاث مؤسسات يشكلون بالنسبة له حجر زاوية فى التمكين والسيطرة على كافة مفاصل الدولة “الشرطة والقضاء والجيش” وكان أمامه اختيارين:

الأول اختيار نظرية الفوضى الخلاقة، لهدم مؤسسات الدولة وإعادة بنائها من جديد (فكرهدام).

الثانى الحفاظ على مؤسسات الدولة القائمة، وضبط إيقاع العمل بهم، على غرار نصيحة السيد/ جيمس أنجلبرغر (خبير وزارة الخارجية الأمريكية بالأنظمة العسكرية فى الدول النامية) للرئيس جمال عبد الناصر عام ١٩٥٣ بأن سيطرته على مقاليد الأمور في الدولة، لن يتحقق إلا من خلال الحفاظ على مؤسسات الدولة القائمة وبالأخص الشرطة والجيش والقضاء وضبط إيقاع العمل بينهم (راجع كتاب لعبة الأمم د. مايلز كويلاند_ صفحة ١٧)، “فكر بناء”.

لقد اختار الرئيس محمد مرسي الفكر الهدام فى التعامل مع مؤسسات الدولة السيادية، لتحقيق فكرة التمكين بهدمها والعمل على إعادة بنائها من جديد، على أسس ومنهج وأجندة إخوانية.

لقد اختار الفوضى الخلاقة لتكون السبيل إلى التمكين والسيطرة على مؤسسات الدولة، من شرطة وقضاء وجيش، بالصورة السابق التنويه عنها، والتى أدت إلى المشهد الذى تعيشه البلاد فى تلك الفترة.

هذا يجعلنا نتوقف عند نقطة هامة للغاية، كيف كانت تدار البلاد في ظل وجود رئيس دولة، ومرشد للجماعة، وأن الأول فى رقبته بيعة للثاني.

حقيقة الأمر أن مؤسسة الرئاسة، كانت تمثل لجنة من اللجان النوعية، المستحدثة فى الهيكل التنظيمي، يرأسها مسئول اللجنة د. محمد مرسي (رئيس الجمهورية شكلاً) وهو ملتزم بتوجهات المرشد ومكتب الإرشاد. أما من الناحية الإدارية فهو المتحكم في إدارة أعضاء هيئة اللجنة، بتوزيع الاختصاصات فيما بينهم، أما الجوانب الفنية فى اتخاذ القرار فتخضع لمكتب الإرشاد (راجع الحديث الذى دار بين الرئيس محمد مرسي، والإعلامي عمرو الليثي، والذى تم مراجعته مع مكتب الإرشاد قبل إذاعته لعمل المونتاج اللازم). فمؤسسة الرئاسة تقوم بتجميع كافة الموضوعات المطروحة عليها، وعرضها على مكتب الإرشاد، الذى يقوم بدوره بتوزيعها على المتخصصين لتدارسها، وإعادة عرضها من جديد على مكتب الإرشاد لاتخاذ القرارات، وإرسالها لمؤسسة الرئاسة للتنفيذ. وهذا ما سبق وأن تناوله المهندس خيرت الشاطر فى أكثر من حديث حينما قرر أن الجماعة تمكنت من الحصول على معلومات هامة، عن كافة مؤسسات الدولة، لم تكن تستطيع ذلك إلا من خلال وجود الرئيس فى قصر الاتحادية (وثيقة خيرت الشاطر، في لقاءه مع مجلس شورى التنظيم).

كان محمد مرسي يتعامل كفرد فى الجماعة، وليس كرئيس دولة، مما أوقعه فى العديد من الأخطاء التى سببت له أزمات فى علاقاته بمؤسسات الدولة خاصة السيادية. فكلما اقتربت المسافة بين الرئيس وجماعته، زادت حدة الغضب والتوتر في الشارع، والاصطدام بالقوى الثورية والسياسية. هكذا كانت تدار مصر.

وللحديث بقية انتظروني

Facebook Comments Box

اظهر المزيد
المقال يعبر عن رأي كاتبه دون أدني مسئولية علي الموقع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by ExactMetrics